صباح الخير أو مساء الخير لكم جميعا أينما كنتم.
قبل أقل من ستة أشهر، وقّعت منظمة الصحة العالمية والفيفا اتفاقاً من أجل العمل معاً على تعزيز الصحة من خلال كرة القدم.
ولم نكن نعلم حينها ما نعلمه اليوم، أي إن فيروسا جديدا سيظهر وسيؤدي إلى تجميد العديد من أنشطة المجتمع، بما فيها هذه الرياضة الجميلة.
فقد ألغيت العديد من مباريات كرة القدم، ولكن تعاوننا خلال هذه الأوقات العصيبة أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى. والحقيقة أن هذا الظرف قد أتاح لنا فرصة العمل عن كثب معاً على نحو لم يكن ليخطر على بالنا.
إن باستطاعة كرة القدم أن تخاطب ملايين الناس، لا سيما فئة الشباب، أكثر مما يستطيعه مسؤولو الصحة العامة.
ومن دواعي سروري البالغ اليوم أن أرحب بشقيقي العزيز، جياني إنفانتيو، رئيس الفيفا، لنحدثكم عن حملتنا المشتركة "ساهم في إيصال الرسالة لتسديد ركلة قاضية لفيروس كورونا".
وأودّ أن أغتنم كذلك هذه الفرصة لأعرب عن خالص الشكر للفيفا على تبرعها السخي بمبلغ 10 ملايين دولار أمريكي للصندوق التضامني للاستجابة لكوفيد-19.
فقد حصد الصندوق حتى اليوم أكثر من 70 مليون دولار في غضون 10 أيام فقط، تبرع بها أكثر من 000 187 فرد ومنظمة من أجل مساعدة العاملين الصحيين في خطوط الاستجابة الأمامية على أداء عملهم المنقذ للأرواح، ومعالجة المرضى، وتسريع وتيرة الأبحاث في مجالي العلاجات واللقاحات.
وأودّ أن أشكر كذلك شركة "تيك توك" على تبرعها بمبلغ 10 ملايين دولار وعلى دعمها القيّم لإيصال المعلومات الصحية الموثوقة إلى جمهورها الواسع من الشباب.
وعلى ذكر ذلك، فإن خدمة تنبيهاتنا الصحية الجديدة عبر الواتساب قد استقطبت حتى الآن 10 ملايين مستخدم منذ إطلاقها يوم الجمعة الماضي، أي خلال 4 أيام فقط، حيث نوصل من خلالها المعلومات الصحية الموثوقة إلى الهواتف المحمولة مباشرة. وتجدون طريقة التسجيل في هذه الخدمة بالتفصيل على الصفحة الأولى لموقعنا الإلكتروني. وسنطلق خلال الأسبوع النسخ العربية والفرنسية والإسبانية من هذه الخدمة التي تعدّ أفضل طريقة للتواصل المباشر مع الناس.
إذن، أشكرك جياني على دعمك وعلى دعم أوساط كرة القدم بأسرها.
وقبل أن أعطيك الفرصة لقول بضع كلمات، أودّ أن أشير أيضا إلى أن هذا اليوم يصادف عيد ميلادك ويسرّني بالتالي أن أقول لك: عيد ميلاد سعيد يا صديقي العزيز، وشكراً جزيلاً لك على انضمامك إلينا اليوم.
[السيد جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) أدلى بكلمة قصيرة أعقبتها كلمة لسفير النوايا الحسنة لمنظمة الصحة العالمية، أليسون بيكر]
شكراً لكما جياني وأليسون.
أواصل الآن كلمتي عن جائحة كوفيد-19.
أُبلغت المنظمة حتى الآن بأكثر من 000 300 حالة إصابة مؤكدة بكوفيد-19، تشمل كل بلدٍ في العالم تقريباً. وهو أمر مفجع بلا شك.
فالجائحة تتطور بسرعة فائقة. فلم يمض سوى 67 يوماً من أول حالة تم الإبلاغ عنها حتى تسجيل أول 000 100 حالة، و11 يوماً فقط لتسجيل 000 100 حالة التالية، ثم 4 أيام فقط لتسجيل 000 100 حالة الثالثة. وهو ما يدلكم بوضوح على الوتيرة المتسارعة لتفشي هذا الفيروس.
ولكننا لسنا أسرى لهذه الإحصاءات، ولسنا مجرد متفرجين لا حول لنا ولا قوة، وإنما بإمكاننا تغيير مسار هذه الجائحة.
صحيح أن الأرقام مهمة، لأنها ليست مجرد أرقام. وإنما هم أشخاص انقلبت حياتهم وحياة أسرهم رأساً على عقب.
ولكن الأهم هو ما نفعله نحن إزاء ذلك.
لا يمكننا الفوز في مباراة لكرة القدم ونحن نتخذ وضع الدفاع فحسب. لا بد من الهجوم أيضاً.
مطالبة الناس بالبقاء في المنزل وتدابير المباعدة الاجتماعية الأخرى هي وسيلة هامة لإبطاء وتيرة تفشي الفيروس وكسب بعض الوقت، ولكنها تظل تدابير دفاعية.
أما الفوز فيقتضي منا أن نهاجم الفيروس بتكتيكات شرسة وهدافة، تتمثل في فحص كل حالة مشتبه فيها، وعزل كل حالة مؤكدة ورعايتها، وتتبع كل المخالطين القريبين وتطبيق الحجر الصحي عليهم.
ونحن مدركون لما تواجهه بعض البلدان من صعوبة في تنفيذ هذه التدابير الشرسة بسبب قدراتها المحدودة.
غير أن العديد من البلدان أثبتت أن تعبئة الموارد محلياً من المناطق الأقل تأثراً هي إحدى الطرق الجيدة لرفع الطاقة الاستيعابية.
ونحن ممتنون كذلك للعديد من البلدان التي أوفدت أفرقة طوارئ طبية لرعاية المرضى وتدريب العاملين الصحيين في البلدان المحتاجة إلى الدعم.
ففي ذلك مثال رائع على التضامن الدولي، وهو ليس وليد الصدفة.
فقد دأبت المنظمة على العمل مع البلدان على مر الأعوام لبناء شبكة من أفرقة الطوارئ الطبية تأهباً لهذا الاحتمال تحديداً، أي حين تستدعي الحاجة إتاحة أخصائيين صحيين رفيعي المستوى لتلبية مثل هذه الطفرة المفاجئة في الاحتياجات والمساعدة على رعاية المرضى وإنقاذ الأرواح.
ولكن ليس بمقدور العاملين الصحيين أداء عملهم بفعالية عندما لا يتسنى لهم أداؤه على نحو مأمون.
فما زالت تصلنا تقارير مفزعة من مختلف أنحاء العالم عن العدد الكبير من حالات العدوى بين العاملين الصحيين.
وحتى لو كنا نفعل كل شيء آخر كما ينبغي، فإننا ما لم نعط الأولوية للعاملين الصحيين، سيظل الكثير من الناس يلقون حتفهم لأن العامل الصحي الذي بإمكانه أن ينقذ حياتهم مريضٌ هو الآخر.
وكما تعلمون، فإن المنظمة تبذل قصارى جهدها مع العديد من الشركاء من أجل ترشيد استخدام معدات الحماية الشخصية وتحديد الأولويات في هذا المجال.
فالتصدي للنقص العالمي في هذه المعدات المنقذة للأرواح يستوجب معالجة كل حلقة في سلسلة الإمداد، من المواد الخام إلى المنتج النهائي.
ولعل التدابير التي وُضعت لإبطاء وتيرة تفشي الفيروس قد أدّت دون قصدٍ إلى تفاقم نقص معدات الحماية الأساسية والمواد الخام اللازمة لصنعها.
ومعالجة هذه المشكلة تقتضي الالتزام والتنسيق السياسيين على الصعيد العالمي. وسأتحدث، هذا الأسبوع، مع رؤساء الدول والحكومات من بلدان مجموعة العشرين. ومن بين القضايا التي سأتطرق إليها، سأطلب منهم العمل معاً من أجل زيادة الإنتاج وتفادي حظر الصادرات وضمان التوزيع المنصف على أساس الاحتياجات.
نحن بحاجة إلى وحدة الصف بين بلدان مجموعة العشرين التي تستأثر بأكثر من 80 في المائة من المجموع العالمي للناتج المحلي الإجمالي. وما يجسد هذا الالتزام السياسي هو التضامن الراسخ الذي من شأنه أن يساعدنا على المضي قدماً في مكافحة هذه الجائحة بأقوى ما لدينا من أسلحة.
لذلك فإن أهم طلب أوجهه إلى قادة مجموعة العشرين هو التضامن، والتصرف كجسد واحد، لأن عليهم الرهان الأكبر في العالم، على جميع الأصعدة.
ونحن مدركون أيضا للحاجة الماسّة إلى علاجات ناجعة. فليس لدينا اليوم علاج ذو فعالية مثبتة ضد كوفيد-19.
ومن الرائع أن نرى مستوى الطاقة الجبارة الموجهة نحو الأبحاث الرامية إلى مكافحة كوفيد-19.
غير أن الدراسات الصغيرة غير العشوائية والقائمة على الملاحظة لن تقدّم لنا ما نحتاجه من أجوبة. واستخدام أدوية غير خاضعة للاختبار وغير قائمة على بيّنات صحيحة قد يعطينا أملاً زائفاً، وقد يضرّ أكثر مما ينفع ويسبب نقصاً في الأدوية الأساسية اللازمة لمعالجة أمراض أخرى.
ولذلك أطلقت المنظمة تجربة "التضامن"، من أجل التوصل إلى بيّنات محكمة عالية الجودة في أسرع وقت ممكن. ويسرّنى أن عدداً كبيراً من البلدان قد انضمت إلى هذه التجربة، مما سيساعدنا على التحرك سريعاً وعلى نطاق واسع.
وكلما شاركت بلدان أكثر في هذه التجربة وغيرها من الدراسات الكبرى، كلما حصلنا على نتائج أسرع عن الأدوية الأنجع وتمكنا من إنقاذ المزيد من الأرواح.
وأودّ أن أنهي ملاحظاتي بتذكير الجميع بأنه في حين يستحوذ كوفيد-19 على انتباه العالم، فإن ثمة مرضاً تنفسياً آخر يمكن توقيه ومعالجته معاً، وهو مرض يقتل 1.5 مليون شخص كل عام، وليس سوى مرض السلّ القديم.
ويصادف يوم غدٍ اليوم العالمي للسل، وهو فرصة لتذكير قادة العالم بالالتزامات التي قطعوها على أنفسهم بوضع حدٍ لما يسببه هذا المرض القديم والفظيع من معاناة ووفيات.
والعالم محقٌ في تفرغه للاستجابة لكوفيد-19 بهمّة وبصورة عاجلة. ونحن ندعو المجتمع الدولي إلى التصدي بنفس العجلة والهمة لمكافحة السل وتهيئة عالم أوفر صحة وأكثر أمناً وعدلاً للجميع.
ويظل محك الفوز في تسديد الركلة القاضية لفيروس كورونا.
شكراً لكم.