1- الرئيس الموقر، الدكتور جيروم والكوت، أصحاب السعادة والمعالي، الوزراء الموقرون، الزملاء والأصدقاء الأعزاء، صباح الخير، وكل عام وأنتم بخير بعام جديد ملؤه السعادة، وأرحِّب بكم مجدداً في مقر منظمة الصحة العالمية.
2- مثلما تعلمون، فقد نجوت بأعجوبة في نهاية عام 2024 في اليمن عندما تعرض مطار صنعاء للهجوم أثناء وجودي هناك بانتظار رحلة العودة. وأود أن أعرب عن امتناني العميق لكم فرداً فرداً على تواصلكم معي بمكالمات ورسائل الدعم والمساندة. فقد ألقى عظيم حبكم في قلبي الطمأنينة والسكينة في هذه اللحظة المروعة. وقد أردت أن أُعبِّر لكم عن امتناني وأحمد الله الذي هيئ لي أسباب النجاة.
3- لقد كنت محظوظاً، إلا أن الحادث كان رسالة تذكير بالتهديدات التي يعيشها يومياً أناس كثيرون في ظل الأوضاع الخطيرة الناشبة في جميع أنحاء العالم، بمن فيهم العديد من زملائي في المنظمة والعاملون في المجال الإنساني بشكل عام. وبالنسبة لهم، وللمنظمة ككل، كان عام 2024 عاماً مليئاً بالتحديات الهائلة. وكان أيضاً عاماً حافلاً بالإنجازات المهمة.
4- ففي جمعية الصحة العالمية السابعة والسبعين التي انعقدت في أيار/ مايو، اعتمدت الدول الأعضاء استراتيجيتنا الصحية العالمية الجديدة، أي برنامج العمل العام الرابع عشر، 2025-2028، بغايته الطموحة المتمثلة في إنقاذ حياة 40 مليون شخص على مدى السنوات الأربع القادمة. وعلاوةً على ذلك، اعتمدتم، أنتم الدول الأعضاء، حزمة تاريخية من التعديلات على اللوائح الصحية الدولية، ووافقتم على اختتام المفاوضات بشأن اتفاق المنظمة بشأن الجوائح قبل موعد انعقاد جمعية الصحة العالمية المقبلة.
5- وفي تشرين الثاني/ نوفمبر، اختتمنا أيضاً الجولة الاستثمارية الأولى للمنظمة، التي ساعدت على تعبئة نصف الموارد التي نحتاجها لتنفيذ برنامج العمل العام الرابع عشر على مدى السنوات الأربع القادمة. وفي كانون الأول/ ديسمبر، شاركتُ فخامة الرئيس ماكرون في افتتاح أكاديمية المنظمة رسمياً في ليون بفرنسا، وهي خطوة مهمة نحو جعل منظمة الصحة العالمية منظمة ذات تأثير في البلدان.
6- وقد تحقق أيضاً العديد من الإنجازات التي يجب الاحتفاء بها في سبيل الوفاء بالمهام الثلاثة التي نضطلع بها من أجل تعزيز الصحة وتوفيرها وحمايتها.
7- أولاً، فيما يتعلق بمهمتنا المتمثلة في تعزيز الصحة والوقاية من الأمراض من خلال معالجة أسبابها الجذرية. فكما تعلمون، تستأثر الأمراض غير السارية بسبعة من أهم 10 أسباب للوفاة على مستوى العالم، ومنها الأمراض القلبية والوعائية والسكري والسرطان وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة.
8- ويتمثل أحد محاور التركيز الرئيسية للمنظمة في معالجة عوامل الخطر المرتبطة بالأمراض غير السارية والمتمثلة في الغذاء الذي يتناوله الناس؛ والهواء الذي يتنفسونه؛ والطرق التي يسلكونها؛ والمنتجات التي يستهلكونها، ومنها التبغ – وهو السبب الرئيسي للوفاة التي يمكن تجنبها في العالم.
9- ويصادف هذا الشهر الذكرى السنوية العشرين لدخول اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ حيِّز النفاذ. ففي العقدين الماضيين، وبفضل اتفاقية المنظمة الإطارية والحزمة التقنية لبرنامج السياسات الست التي تدعمها، انخفض معدل انتشار التدخين بمقدار الثلث على مستوى العالم.
10- وفي العام الماضي، أدخلت جورجيا وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية وعُمان التغليف البسيط على منتجات التبغ لديها. وحظرت فييت نام، بدعم من المنظمة، السجائر الإلكترونية ومنتجات التبغ المسخَّن. ومن خلال شراكتنا في مبادرة المزارع الخالية من التبغ، ساعدنا أكثر من 9000 مُزارِع تبغ في كينيا وزامبيا على التحوُّل عن زراعة التبغ إلى زراعة الفاصوليا الغنية بالحديد.
11- ومحور تركيز رئيسي آخر يتمثل في معالجة مسببات الأمراض في المواد الغذائية التي يتناولها الناس. ففي عام 2024، أقر لبنان وموريشيوس ونيبال سياسات بشأن أفضل الممارسات في مجال التخلص من الدهون المتحوِّلة. وانضمت 34 بلداً الآن إلى خطة تسريع وتيرة العمل على وقف السمنة، وهي البلدان التي تستأثر بثلث سكان العالم المصابين بالسمنة. ونشرنا مبادئ توجيهية جديدة بشأن الهُزال، وساعدنا 14 بلداً من البلدان ذات العبء الأكبر على تنفيذها.
12- ونشهد أيضاً تقدُّماً في منع الوفيات والإصابات الناجمة عن الغرق والتصادمات المرورية على الطرق والعنف؛ ونحن بصدد دمج العلوم السلوكية في المزيد من مجالات عمل المنظمة؛ ونواصل دعم البلدان من أجل بناء نُظُم صحية مراعية للمناخ وقادرة على الصمود في وجه تغير المناخ.
13- وقد حشدنا 150 مليون دولار أمريكي لدعم البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل حتى يتسنى لها حماية صحة شعوبها من مخاطر المناخ؛ وفي الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، التي انعقدت في أذربيجان، وقَّعنا اتفاقيةً للحفاظ على موقع الصحة في صميم مفاوضات المناخ.
14- ثانياً، مهمتنا المتمثلة في توفير الصحة من خلال توسيع نطاق الوصول العادل للخدمات الصحية. فكما تعلمون، يفتقر أكثر من نصف سكان العالم إلى إمكانية الحصول على خدمة واحدة أو أكثر من الخدمات الصحية الأساسية. ويواجه مليارا شخص ضوائق مالية من جراء سداد تكاليف الرعاية من جيوبهم الخاصة.
15- ولمعالجة هذه الثغرات، نعمل من خلال شراكة التغطية الصحية الشاملة لدعم 125 بلداً في جميع الأقاليم الستة في سعيها نحو تحقيق التغطية الصحية الشاملة. وفي العام الماضي، قدَّمنا الدعم إلى 28 بلداً لوضع حزم من الخدمات من أجل تحقيق التغطية الصحية الشاملة، ومنها ثمانية بلدان تعاني من أزمات إنسانية.
16- وندعم البلدان من أجل توسيع نطاق الخدمات الصحية للاجئين والمهاجرين. فقد أدرجت أيرلندا وبنما صحة اللاجئين والمهاجرين في خطط الرعاية الصحية الوطنية. وقدَّمت أوغندا حزمة شاملة من الخدمات الصحية إلى 1,6 مليون لاجئ؛ وأصدرت كولومبيا بطاقات تأمين صحي لمجموعات من المهاجرين بلغ عددهم 1,5 مليون مهاجر.
17- وفي الوقت الذي نعمل فيه على توسيع نطاق الوصول إلى الخدمات الصحية، فإننا نعمل على توسيع نطاق الوصول إلى الأدوية والمنتجات الصحية، وتعزيز السلطات التنظيمية في جميع أنحاء العالم. وقد أشدنا بمصر والهند ورواندا والسنغال وزمبابوي إما لتحقيقها مستوى النضج 3 من الرقابة التنظيمية على الأدوية واللقاحات وإما لحفاظها على هذا المستوى.
18- وعيَّنا 33 جهة تنظيمية بوصفها سلطات مدرجة في قائمة المنظمة، وهو ما يجعلها "جهات تنظيمية مرجعية" تستوفي المعايير والممارسات المعترف بها دولياً. وأدرجنا 36 جهة تنظيمية منذ أن أطلقنا البرنامج قبل ثلاث سنوات.
19- وفي عام 2024، أجرينا اختبار مسبق لصلاحية 87 دواءً ومنتجاً آخر، ونفذنا أكثر من 150 عملية تفتيش على مواقع للتصنيع. وأطلقنا منصة جديدة تحتوي على معلومات عن 2000 نوع من الأجهزة الطبية، تستخدمها البلدان لاختيار الأجهزة لاستخدامها في التدخلات الصحية أو شرائها أو إدراجها في القوائم المرجعية الوطنية. وأصدرنا خمسة إنذارات بشأن الأدوية المتدنية النوعية والمغشوشة؛ واخترنا 481 اسماً غير مسجل الملكية لمكونات صيدلانية فعَّالة.
20- وبرنامج الأسماء الدولية غير المسجَّلة الملكية هو واحد من الأشياء التي تقوم بها المنظمة دون غيرها ولا يعرف بها سوى عدد قليل جداً من الناس، ولكنها ذات أهمية للبلدان كافة. وتُعدُّ الأسماء الموحَّدة للمكونات الصيدلانية ضرورية للغاية لضمان سلامة المرضى والتجارة العالمية واقتفاء أثر الأدوية وتحديد منشأها ومكافحة المنتجات المُقلَّدة وزيادة إتاحة الأدوية والبحوث وغيرها من الإجراءات. وليست هذه بالمهمة المبهرة، ولكن ثمة جهة يتحتم عليها الاضطلاع بها، ومن تكون هذه الجهة سوى منظمة الصحة العالمية. وقد ساعد هذا الأمر على زيادة الوصول إلى الأدوات المنقذة للحياة، ومنها اللقاحات.
21- وفيما يتعلق بمقاومة مضادات الميكروبات، أسفر اجتماع الأمم المتحدة الرفيع المستوى المعني بمقاومة مضادات الميكروبات عن التزامات وغايات قوية. فقد تضاعف عدد البلدان التي تُبلِّغ المنظمة ببيانات عن استخدام مضادات الميكروبات ثلاث مرات من 36 بلداً في عام 2021 إلى 98 بلداً في عام 2024؛ وتواصل البلدان اعتماد توصياتنا بشأن تصنيف المضادات الحيوية وفقاً لفئات الإتاحة والمراقبة والاحتياط: فقد حظرت نيبال، على سبيل المثال، استعمال تركيبات المضادات الحيوية التي تصنفها المنظمة على أنها غير موصى بها.
22- ودعمنا كذلك التنفيذ الكامل لترصُّد داء السيلان المقاوم لمضادات الميكروبات في 13 بلداً. وفي كمبوديا، أسهم تنفيذ المبادئ التوجيهية للمنظمة في خفض فشل علاج داء السيلان من 11٪ إلى الصفر. ووضعنا أيضاً الإرشادات الأولى بشأن إدارة مياه الصرف الصحي والنفايات الصلبة الناجمة عن تصنيع المضادات الحيوية. وقدَّمنا التدريب للمفتشين في 52 دولة عضواً، وحدَّث تحالف الصناعات المعني بمقاومة مضادات الميكروبات معياره ليتماشى مع إرشادات المنظمة.
23- وفي العام الماضي، احتفلنا بالذكرى السنوية الخمسين للبرنامج الموسَّع للتمنيع. فعند إطلاق البرنامج في عام 1974، لم يكن قد تلقى اللقاحات سوى أقل من 5٪ من أطفال العالم. أما اليوم، فقد وصلت هذه النسبة إلى 83٪. وكان البرنامج هو أكبر البرامج المنفردة إسهاماً في بقاء الرضَّع والأطفال على قيد الحياة على مستوى العالم، إذ منع 154 مليون حالة وفاة، أي بمتوسط 8000 حالة يومياً لمدة 50 عاماً.
24- ويتواصل دعمنا للبلدان من أجل إدخال لقاحات جديدة سعياً إلى إنقاذ الأرواح. وفي عام 2024، أدخلت أربعة بلدان جديدة لقاحات فيروس الورم الحليمي البشري. وأصبحت النيجر ونيجيريا أول دولتين تنفذان لقاح Men5CV الجديد، وهو لقاح مضاد لالتهاب السحايا. وأجرينا اختبار مسبق لصلاحية لقاح جديد مضاد لحمى الضنك؛ وساعدنا على نشر أكثر من 12 مليون جرعة من لقاح الملاريا في 17 بلداً في أفريقيا.
25- ونحن، في الوقت ذاته، نعيش عصراً ذهبياً فيما يتعلق بالقضاء على الأمراض، إذ يواصل المزيد والمزيد من البلدان تحرير شعوبها من الملاريا والتراخوما والجذام وداء الفيلاريات اللمفاوي وغيرها من الأمراض. ففي العام الماضي، منحنا سبعة بلدان شهادة القضاء على الأمراض المدارية المهملة، وهي: البرازيل، وتشاد، والهند، والأردن، وباكستان، وتيمور- ليشتي، وفييت نام؛ وفي الأسبوع الماضي فقط، منحنا غينيا شهادة القضاء على داء المثقبيات الأفريقي البشري، والنيجر شهادة القضاء على داء كلابية الذنب.
26- ولم يُبلَغ، في العام الماضي، إلا عن 11 حالة إصابة بشرية من داء الدودة الغينية في ثماني قرى فقط في تشاد وجنوب السودان. واعتمدت غانا علاجاً جديداً للعمى النهري، وكان تطويره ثمرة عقدين من التعاون بين البرنامج الخاص للبحث والتدريب في مجال أمراض المناطق المدارية المشترك بين اليونيسف وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية، والباحثين، والمكاتب القُطْرية للمنظمة، وشركة تطوير الأدوية من أجل الصحة العالمية.
27- ومنحنا أيضاً كابو فيردي ومصر شهادة الخلو من الملاريا، ووصلت جورجيا بالفعل هذا العام إلى الوضع ذاته. وتحققت المنظمة من قضاء بليز وجامايكا وسانت فنسنت وجزر غرينادين على انتقال فيروس العوز المناعي البشري والزهري من الأم إلى الطفل؛ وتحققنا من أن ناميبيا في طريقها نحو القضاء على انتقال فيروس العوز المناعي البشري والتهاب الكبد B من الأم إلى الطفل.
28- ولأول مرة، وصلت التغطية بعلاج السل إلى 75٪ على الصعيد العالمي، وحقق 79 بلداً انخفاضاً بنسبة 20٪ على الأقل في معدلات الإصابة، وحقق 43 بلداً انخفاضاً بنسبة 35٪ على الأقل في الوفيات الناجمة عن السل. وفيما يتعلق بالصحة النفسية، نعمل مع اليونيسف في 13 بلداً في جميع الأقاليم الست، إذ تمكَّنا من إيصال خدمات الرعاية إلى 000 270 طفل ومراهق وقائم على الرعاية.
29- أما فيما يتعلق بوفيات الأمهات والأطفال، فقد كان التقدُّم المُحرَز أقل تشجيعاً. ففي أعقاب التحسينات الكبيرة التي أُدخِلت خلال حقبة الأهداف الإنمائية للألفية، توقفت مسيرة التقدُّم. ونواصل العمل مع الدول الأعضاء لتحديد العقبات ولتزويدها بالأدوات اللازمة للتغلب عليها.
30- فعلى سبيل المثال، وضعنا بروتوكولاً لإجراء تقييمات سريعة للمعوقات بغية زيادة الإقبال على ممارسات تنظيم الأسرة، وهو ما تعكف 27 بلداً على تنفيذه في الوقت الحالي. ونشرنا توجيهاً جديداً بشأن الإنتان عند المواليد، وندعم البلدان في تنفيذه. وأطلقنا توجيهاً جديداً بشأن نماذج الرعاية في مجال القبالة، الذي أظهرت دراسة أُجريَت في إثيوبيا أنه يقلل العمليات القيصرية الطارئة ومعدلات الولادة المبكرة وحالات إدخال المواليد العناية المُركَّزة. ووضع أكثر من 40 بلداً خططاً لتسريع وتيرة خفض وفيات الأمهات والمواليد ومنع حالات الإملاص. وافتتحت جمهورية تنزانيا المتحدة 30 وحدة جديدة لرعاية المواليد، بينما تُحرِز غانا وملاوي وباكستان وسيراليون تقدُّماً كذلك.
31- لقد قطعنا شوطاً طويلاً في مواجهة وفيات الأمهات والأطفال، ولكن الطريق أمامنا لايزال طويلاً لكي نحقق غايات أهداف التنمية المستدامة. وقد اخترنا صحة الأمهات موضوعاً ليوم الصحة العالمي هذا العام رغبةً منا في لفت الانتباه إلى ضرورة تعاون جميع البلدان والشركاء من أجل منع هذه الوفيات التي يمكن تجنبها.
32- والآن ننتقل إلى الركيزة الثالثة في مهمتنا، وهي مساعدة البلدان على حماية الصحة من خلال منع حالات الطوارئ الصحية والاستجابة السريعة لها.
33- ففي عام 2024، استجبنا لخمسين حالة طوارئ مصنَّفة في جميع أنحاء العالم، تمثلت في: نزاعات وفاشيات وكوارث طبيعية وغير ذلك. وشملت هذه الاستجابة إيصال إمدادات بقيمة 48 مليون دولار أمريكي إلى 78 بلداً. وساعدنا في السيطرة على فاشيات الكوليرا في 27 بلداً من أصل 33 بلداً موبوءاً، ولم يتبق سوى ستة بلدان في مرحلة حادة؛ وبدعم من المنظمة، سيطرت رواندا على فاشية لداء فيروس ماربورغ؛ وبينما نتحدث الآن، فإننا نستجيب لفاشيتي داء فيروس ماربورغ في جمهورية تنزانيا المتحدة وداء فيروس الإيبولا في أوغندا، وقد سافر إليهما نائب المدير العام مايك راين للإشراف على أنشطة الاستجابة؛ وكما تعلمون، فقد أعلنتُ في آب/ أغسطس الماضي عن أن فاشيات جدري القردة المندلعة في جمهورية الكونغو الديمقراطية وغيرها من البلدان في أفريقيا تُشكِّل طارئة صحية عامة تثير قلقاً دولياً.
34- وعلى الرغم من أن عدد الحالات المُبلَغ عنها في طريقه للاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية، فإن تدهور الوضع الأمني قد أدى إلى مغادرة العديد من المرضى مراكز العلاج، وهو ما فاقم مخاطر انتقال العدوى. واستجابة للفاشية، أعطت المنظمة الإذن باستعمال أول لقاحات واختبارات لجدري القردة في حالات الطوارئ، وأنشأت آلية إتاحة اللوازم وتوزيعها، التي نسَّقت التبرع بستة ملايين جرعة لقاح في 15 بلداً. وقد تم تسليم نحو 000 500 جرعة، وسيتوفر قريباً 1,7 مليون جرعة أخرى. ووفرنا الإمدادات للمختبرات في 136 بلداً لضمان جودة قدرتها على تشخيص جدري القردة. وتلقى نحو 000 70 شخصاً اللقاحات، بشكل رئيسي في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وقد تسببت محدودية الموارد في البلدان الموبوءة، التي تواجه أولويات صحية متنافسة متعددة، في الحد من سرعة التطعيم ونطاقه.
35- وكان الجزء الرئيسي الآخر من عمل الاستجابة الطارئة الذي اضطلعت به المنظمة في العام الماضي هو الاستجابة للنزاعات وانعدام الأمن في قطاع غزة وهايتي ولبنان والسودان وأوكرانيا وغيرها من البلدان. ومن دواعي سرورنا البالغ أن نرى صمود اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ونأمل بشدة أن يصير سلاماً دائماً. وتتمثل أولوياتنا في تلبية الاحتياجات الصحية الحادة، ودعم تشغيل المستشفيات ومرافق الرعاية الأولية، ونقل المرضى داخل قطاع غزة وخارجه للحصول على الرعاية المتخصصة.
36- ومنذ بدء وقف إطلاق النار، أرسلت المنظمة 63 شاحنة محملة بالإمدادات، ومن المتوقع أن تصل 30 شاحنة أخرى في الأيام المقبلة. ونوفر 60٪ من جميع الإمدادات الطبية، و100٪ من الوقود للمستشفيات ومرافق أفرقة الطوارئ الطبية. وإجمالاً، خلال النزاع، نسَّقنا نشر 52 فرقة طبية طارئة من 26 منظمة، قدَّمت أكثر من 2,4 مليون استشارة طبية، وأجرت أكثر من 000 36 عملية جراحية طارئة، وعالجت ما يقرب من 000 86 حالة إصابة بالغة. وبالتعاون مع شركائنا، تفاوضنا على هدنة إنسانية ومنعنا عودة ظهور شلل الأطفال من خلال تطعيم أكثر من 000 550 طفل.
37- ولا يسعنا إلا التمسك بالأمل في أن يضع عام 2025 حداً للنزاعات الدائرة في السودان وأوكرانيا. ففي السودان، قُتِل ما يقدر بنحو 000 32 شخصاً، ونزح 30٪ من السكان، ويحتاج 20 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية. وقد زرت السودان في أيلول/ سبتمبر، ورأيت هناك آثار الحرب الأهلية والتقيت بأناس يدفعون الثمن. وفي الأسبوع التالي كنتُ في تشاد، التي سافرت فيها إلى بلدة أدري الحدودية، حيث التقيت ببعض اللاجئين السودانيين ممن فروا بحثاً عن الأمن والغذاء وعددهم 000 900 لاجئ. وما هم إلا عدد بسيط من مجموع الأشخاص الذين أُجبِروا على الفرار من منازلهم في شتى أنحاء العالم والبالغ عددهم 122 مليون شخص.
38- وفي قطاع غزة ولبنان والسودان وأوكرانيا وأماكن أخرى، مازلنا نشهد هجمات على الرعاية الصحية، التي باتت "وضعاً طبيعياً جديداً" تفرضه النزاعات. ففي العام الماضي، تحققنا من وقوع أكثر من 1500 هجوم على مرافق الرعاية الصحية في 15 بلداً وإقليماً، أسفرت عن مقتل 932 شخص وإصابة 1767 آخرين. إنه لأمر مخيب للآمال ألا يُحاسَب أي شخص تقريباً على هذه الانتهاكات بحق القانون الدولي. ولذلك أطلقنا مع شركائنا تقريراً جديداً في العام الماضي يتضمن تسع توصيات لمحاسبة المسؤولين عن ارتكاب هجمات على مرافق الرعاية الصحية. ونحث الدول الأعضاء على تنفيذ هذه التوصيات.
39- وبطبيعة الحال، فإن الاستجابة لحالات الطوارئ ليست سوى جزء واحد من عملنا. فانطلاقاً من الدروس المستفادة من جائحة كوفيد-19، عززت المنظمة عملها في كل بُعدٍ من أبعاد الوقاية من الطوارئ والتأهُّب والاستجابة لها.
40- فكل يوم، نجوب العالم بحثاً عن التهديدات التي تحدق بالصحة العامة. وقد أجرينا، في العام الماضي، تقييماً لأكثر من 1,2 مليون إشارة محتملة؛ ومن خلال مركز المنظمة لتحليل المعلومات عن الجوائح والأوبئة في برلين، ندعم البلدان لتعزيز قدراتها في مجال الترصُّد الجينومي. وتضم الشبكة الدولية لترصُّد مسببات الأمراض، التي أُنشِئت في عام 2023، حالياً 230 منظمة في 85 بلداً؛ وساعدنا 19 بلداً على استكمال التقييمات الخارجية المشتركة، ومن المقرر إجراء 21 بلداً آخر هذه التقييمات هذا العام؛ وأكملت ثلاثة بلدان دراسات تجريبية للاستعراض الشامل للصحة والتأهُّب.
41- وإضافةً إلى أنشطة التأهُّب العامة هذه، ندعم أيضاً البلدان في استعدادها لمواجهة تهديدات محددة، ومنها داء فيروس الإيبولا. فغالباً ما تتفاقم فاشيات داء فيروس الإيبولا بفعل انتقال العدوى في المستشفيات، ولذلك طعمنا 000 150 عامل صحي في ستة بلدان ضد داء فيروس الإيبولا، وذلك بالتعاون مع تحالف غافي للقاحات، وهي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك خارج إطار الاستجابة للفاشيات، لمنع وقوع أي فاشيات في المستقبل. وساعدنا أيضاً على تطعيم 53 مليون شخص ضد الحمى الصفراء في خمسة بلدان؛ وقد رصدنا بعناية انتشار أنفلونزا الطيور المثير للقلق بين الأبقار الحلوب في الولايات المتحدة الأمريكية.
42- ومن خلال الشبكة العالمية لترصُّد الإنفلونزا والتصدي لها، يسَّرنا تبادل أكثر من 100 عينة من الأنفلونزا الحيوانية المنشأ مع المراكز المتعاونة مع المنظمة في العام الماضي، وحمَّلنا 525 تسلسلاً جينياً لأنفلونزا الطيور على قواعد البيانات المتاحة للجمهور. وأوصينا بتسعة فيروسات حيوانية المنشأة جديدة للقاحات التجريبية، وهي متاحة عالمياً للمصنِّعين لإنتاج اللقاحات في حالة اندلاع فاشية للأنفلونزا.
43- أصحاب السعادة والمعالي، الوزراء الموقرون، الزملاء والأصدقاء الأعزاء، كل هذه الأعمال الرامية إلى تعزيز الصحة وتوفيرها وحمايتها مدعومة بجهودنا على جميع المستويات الثلاثة للمنظمة في إطار الأولويتين الرابعة والخامسة من برنامج العمل العام الرابع عشر، وهما التمكين والأداء من أجل الصحة، من خلال العلوم والتقنيات الرقمية والبيانات وعملية التحوُّل الجارية في المنظمة.
44- ففي العام الماضي، أجرينا استعراضاً لعملية التحوُّل في المنظمة، للتعرف على الجهود الناجحة وتلك التي لم يُكتَب لها النجاح. وبناءً على نتائج الاستعراض، أعدنا ترتيب أولويات عملية التحوُّل ومواءمتها مع أولويات برنامج العمل العام الرابع عشر. وتمثَّل أحد نجاحات عملية التحوُّل في إنشاء شعبة العلوم.
45- فعمل المنظمة في مجال وضع القواعد والمعايير هو أهم وظائف المنظمة الأساسية، وتساعدنا شعبة العلوم على التأكد من أننا نقدم للدول الأعضاء مشورة مسندة بالبيِّنات وتتسم بأعلى مستويات الجودة. وقد شهد العام الماضي 65 مليون عملية تنزيل لمنشورات المنظمة وإرشاداتها وغيرها من المواد التي تصدرها. وأصدرنا مبادئ توجيهية جديدة مهمة بشأن أنفلونزا الطيور والذكاء الاصطناعي والإقلاع عن تعاطي التبغ وتشخيص جدري القردة ومجالات أخرى كثيرة.
46- وبدءاً من هذا العام، نعكف على مواءمة إرشاداتنا وعملنا في مجال وضع القواعد والمعايير مع الاختبارات المسبقة للصلاحية، وهو ما يعني أننا سوف نجري الاختبار المسبق لصلاحية المنتجات ونصدر مبادئ توجيهية بشأن استخدامها في الوقت ذاته. وسيؤدي ذلك إلى تسريع الوصول العادل إلى التدخلات التي ثبتت صلاحيتها وزيادة الاستثمارات من جانب القطاعين العام والخاص، إذ ستصبح الإجراءات أكثر شفافية وقابلية للتنبؤ بها، وستكتمل في غضون 12 شهراً.
47- وسيكون المنتج الأول في إطار هذه العملية الجديدة هو ليناكابافير، وهو دواء جديد مثير للاهتمام لعلاج فيروس العوز المناعي البشري والوقاية منه. وعلى الرغم من أن تطوير لقاح حقيقي لفيروس العوز المناعي البشري لايزال بعيد المنال، فإن ليناكابافير هو أقرب مُنتَج له يتوافر لدينا، وهو مضاد جديد للفيروسات القهقرية يتناوله الشخص كل ستة أشهر، وقد ثبتت قدرته على الوقاية من جميع حالات الإصابة بفيروس العوز المناعي البشري تقريباً بين الأشخاص المعرضين للخطر. وقد بدأنا عمليتي إعداد المبادئ التوجيهية وإجراء الاختبار المسبق للصلاحية بالتوازي، وهو ما سيدعم الطرح السريع لهذا المُنتَج، وهو ما نتوقعه في النصف الأول من هذا العام.
48- ومن النجاحات الأخرى التي حققتها عملية التحوُّل تركيزنا المتزايد على الصحة الرقمية، التي ستدعم النُّظُم الصحية في جميع البلدان في المستقبل القريب جداً. ففي العام الماضي، مكَّنت الشبكة العالمية لإصدار الشهادات الصحية الرقمية كل من إندونيسيا وماليزيا وعُمان من إصدار 000 250 ملخص دولي لسجلات المرضى في موسم الحج لعام 2024، وهو ما يدعم الرعاية الطارئة لنسبة 78٪ من السجلات التي خضعت للمسح. وتغطي الشبكة الآن 82 بلداً، ويستفيد منها ما يقرب من ملياري شخص. وأود هنا أن أتوجه بالشكر للاتحاد الأوروبي على ما قدَّمه من دعم في هذا المجال.
49- وثمة عنصر رئيسي آخر في عملية التحوُّل في المنظمة، وهو تركيزنا على البيانات. فقد أنشأنا المركز العالمي للبيانات الصحية الذي يتيح البيانات الصحية لأي شخص في أي وقت باستخدام التقنيات الرقمية، ومنها الذكاء الاصطناعي. وتستطيع البدان كافة الآن الاستفادة من المركز، الذي يُعَد مساراً آمناً وموحداً لزيادة الشفافية والمساءلة ووتيرة التقدُّم.
50- أصحاب السعادة والمعالي، الوزراء الموقرون، الزملاء والأصدقاء الأعزاء، كما تعلمون، قبل أسبوعين، وقَّع الرئيس دونالد ترامب أمراً تنفيذياً يعلن فيه عزمه على سحب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية. ونحن نعرب عن أسفنا لهذا القرار، ونأمل في أن تعيد الولايات المتحدة الأمريكية النظر فيه. ونُرحِّب بالحوار البناء للحفاظ على العلاقة التاريخية بين المنظمة والولايات المتحدة الأمريكية وتوطيدها، وهي العلاقة التي ساعدت على إحداث آثار مهمة مثل استئصال جدري القردة - والقائمة تطول.
51- وقد تضمن الأمر التنفيذي أربعة أسباب لقرار الانسحاب من المنظمة.
52- أولها، يقول الأمر التنفيذي إن المنظمة "أخفقت في تبني الإصلاحات المطلوبة على نحو عاجل". فكما يدرك هذا المجلس الموقر، نَفَّذت المنظمة على مدى السنوات السبع الماضية، وبتوجيه من الدول الأعضاء وتحت إدارتها، إصلاحات هي الأعمق والأوسع نطاقاً في تاريخ المنظمة. وقد تطرقت عملية التحوُّل في المنظمة إلى كل جزء من عملنا، وشمل ذلك: استراتيجية المنظمة، ونموذج تشغيلها، وعملياتها، وشراكاتها، وتمويلها وقوتها العاملة وثقافتها السائدة.
53- واتخذنا إجراءات بشأن توصيات فرقة العمل المرنة للدول الأعضاء بشأن تعزيز الحوكمة الميزانية والبرمجية والتمويلية في المنظمة؛ ونفَّذنا 85 من مجموع الإصلاحات المقترحة في خطة تنفيذ الإصلاح المقدَّمة من الأمانة، وعددها 97 إصلاحاً؛ ونحن بصدد تنفيذ توصيات الفريق المعني بالنتائج، بقيادة الممثلين القُطريين للمنظمة، وذلك من أجل تعزيز مكاتبنا القُطْرية.
54- وبالنسبة لنا، التغيير ثابت، وهذا ما قالته لنا دولنا الأعضاء عندما شرعنا في عملية الإصلاح، "التغيير هو الثابت الوحيد". ونحن نؤمن بضرورة التحسين المستمر، ونرحب بالاقتراحات من الولايات المتحدة وجميع الدول الأعضاء بشأن السُّبُل التي يمكننا من خلالها خدمتكم وخدمة شعوب العالم بشكل أفضل. ولذلك، فعلى الرغم من أننا نجري الكثير من الإصلاحات، فإن الاقتراحات الإضافية تظل موضع ترحيب.
55- وثانيها، يقول الأمر التنفيذي إن المنظمة "تطالب بمدفوعات مرهقة على نحو غير عادل من الولايات المتحدة الأمريكية، بالتناسب مع ما تُسهم به البلدان الأخرى". إن الدول الأعضاء تفهم كيفية حساب الاشتراكات المقدَّرة، وأنتم تعلمون أن بعض البلدان تقدم باختيارها مساهمات طوعية أكثر من غيرها.
56- وكانت معالجة اختلال التوازن بين الاشتراكات المقدَّرة والمساهمات الطوعية وتقليل اعتماد المنظمة المفرط على حفنة من الجهات المانحة التقليدية، أحد المجالات الرئيسية في عملية التحوُّل. والسبب في ذلك هو أنه عندما بدأنا عملية التحوُّل، حددنا الاعتماد على عدد قليل من الجهات المانحة التقليدية على أنه أحد المخاطر التي نواجهها. وقررنا حينئذٍ، قبل سبع سنوات، توسيع قاعدة الجهات المانحة.
57- وفي الأسبوع الماضي، أوصت لجنة البرنامج والميزانية والإدارة زيادة الاشتراكات المقدَّرة بنسبة 20%، ونطلب من المجلس الموقر أن يؤيد هذه التوصية. ويمثل ذلك عنصراً حاسماً في خطتنا الطويلة المدى لتوسيع قاعدة الجهات المانحة، وسيخفف على المدى الطويل عبء التمويل الملقى على كاهل الجهات المانحة التقليدية، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية. ولذلك، نواصل التماس الدعم والتعاون من جميع الدول الأعضاء، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل بلورة رؤيتنا المشتركة المتمثلة في الإبقاء على المنظمة في مركز مالي أكثر استدامة.
58- وثالثها، يشير الأمر التنفيذي إلى ما يُزعَم أنه "سوء تعامل المنظمة مع جائحة كوفيد-19 والأزمات الصحية العالمية الأخرى". فقد صادف الأسبوع الماضي مرور خمس سنوات منذ أن أعلنتُ طارئة صحية عامة تثير قلقاً دولياً، في 30 كانون الثاني/ يناير 2020. وكان قد أُبلِغ آنذاك عن أقل من 100 حالة إصابة خارج الصين، فيما لم يُبلَغ عن أي وفيات. وفي الليلة الأخيرة من عام 2019 وأول يوم من عام 2020، بينما كان معظم العالم يقضي العطلة، لم يكن للمنظمة وقت لذلك.
59- فمنذ اللحظة التي التقطنا فيها الإشارات الأولى لظهور "الالتهاب الرئوي الفيروسي" في ووهان، طلبنا مزيداً من المعلومات، وفعَّلنا نظام إدارة الحوادث الطارئة لدينا، وأرسلنا تحذيرنا للعالم، وجمعنا خبراء عالميين، ونشرنا إرشادات شاملة للبلدان بشأن كيفية حماية سكانها ونُظُمها الصحية - كل ذلك قبل الإبلاغ عن أول حالة وفاة من جراء هذا المرض الجديد في الصين في 11 كانون الثاني/ يناير 2020.
60- وبالطبع كانت هناك تحديات ونقاط ضعف، وقد أُجريَت استعراضات مستقلة عديدة للاستجابة العالمية لجائحة كوفيد-19، صدر عنها أكثر 300 توصية لمعالجة التحديات أو نقاط الضعف. واستجابةً لتلك التوصيات، اتخذت المنظمة ودولنا الأعضاء العديد من الخطوات لتعزيز الأمن الصحي العالمي، ومنها: صندوق مكافحة الجوائح؛ ومركز المنظمة لتحليل المعلومات عن الجوائح والأوبئة؛ ومركز نقل تكنولوجيا الرنا المرسال؛ ومركز التدريب العالمي على التصنيع الحيوي؛ وفريق الاستجابة للطوارئ الصحية العالمية؛ والشبكة المؤقتة للتدابير الطبية المضادة، وخطوات كثيرة أخرى. وهكذا، فقد كان إنشاء كل هذه الآليات بناءً على الدروس المستفادة. وكما ذكرت آنفاً، التزمت الدول الأعضاء باختتام المفاوضات بشأن اتفاق الجائحة قبل انعقاد جمعية الصحة العالمية لهذا العام.
61- وآخر الأسباب، يقول الأمر التنفيذي إن المنظمة تعاني "عجزاً عن إظهار الاستقلال عن النفوذ السياسي غير الملائم" من جانب دولنا الأعضاء. إن المنظمة، بوصفها وكالة تابعة للأمم المتحدة، محايدة وموجودة لخدمة جميع البلدان وجميع الشعوب. وتطلب منا دولنا الأعضاء أشياء كثيرة، ونحاول دائماً تقديم المساعدة بقدر ما نستطيع. ولكن عندما لا تكون طلباتها مدعومة بالبيِّنات العلمية، أو تتعارض مع مهمتنا المتمثلة في دعم الصحة العالمية، فإننا نرفضها بكل احترام. وقد رأيتموني أفعل ذلك في مناسبات عديدة. وكما تعلم الدول الأعضاء، كان هذا دأبنا في مناسبات عديدة مع البلدان من جميع مستويات الدخل، وفي جميع الأقاليم.
62- أصحاب السعادة والمعالي، الوزراء الموقرون، الزملاء والأصدقاء الأعزاء، حتى قبل إعلان الولايات المتحدة الأمريكية، كانت المنظمة تواجه قصوراً بسبب الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها العديد من البلدان. ومنذ عدة أشهر، كنت قد عملت مع المديرين الإقليميين، وبدعم من الإدارة العليا، على تحقيق هدفين استراتيجيين، وهما: تعبئة موارد جديدة؛ والاقتصاد في الإنفاق.
63- وقد جعل إعلان الولايات المتحدة الأمريكية الوضع أكثر حدة، وقد أعلنَّا عن مجموعة من الإجراءات بأثر فوري لحماية عملنا وقوتنا العاملة إلى أقصى حد ممكن: فنحن بصدد إجراء مواءمة استراتيجية للموارد مع الأنشطة. وبصدد تجميد عمليات التوظيف، فيما عدا الوظائف المطلوبة في المجالات الأكثر أهمية. وبصدد إجراء تقليص كبير في نفقات السفر. ونسعى إلى إعادة التفاوض على عقود المشتريات الرئيسية وتقليل الاستثمارات الرأسمالية. وسوف يُعلَن عن المزيد من الإجراءات في الوقت المناسب.
64- إن هدفنا الرئيسي هو حماية أهم مقومات المنظمة: موظفونا - المهنيون المتفانون والموهوبون الذين يعملون اليوم في جميع أنحاء العالم لمساعدة الأشخاص الذين نخدمهم على استنشاق هواء أنظف، وتناول وجبات غذائية صحية، وشرب مياه أكثر مأمونية، واستخدام طرق أكثر أماناً. فهم يعملون على مساعدة الناس في الحصول على ما يحتاجونه من خدمات ومنتجات صحية مأمونة وجيدة، أينما ومتى يحتاجون إليها، دون القلق بشأن تكلفتها؛ ويعملون على وقف الفاشيات وتقديم الرعاية المنقذة للحياة في أصعب المواقف وأخطرها.
65- فهم، باختصار، ملتزمون بتعزيز الصحة وتوفيرها وحمايتها. ومن دواعي الفخر لي أن أدعوهم بزملائي. فمعاً، لانزال ملتزمين بالرؤية التي كنتم تنشدونها، أنتم دولنا الأعضاء، منذ ما يقرب من 77 عاماً: أعلى مستوى صحي يمكن بلوغه - ليس ترفاً للبعض، بل حقاً للجميع. شكراً لكم!