MSF/C. Mahoudeau
© الصورة

داء المثقبيات الأفريقي البشري (مرض النوم)

2 أيار/مايو 2023

حقائق رئيسية

  • تسبّب داء المثقبيات الأفريقي البشري (مرض النوم) طفيليات الأوّالي التي تنقلها ذبابة التسي تسي الحاملة للعدوى. وهو مرضٌ متوطّن في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. ويعتبر المرض مميتاً عموماً إن لم يُعالج.
  • يعيش الناس الأكثر عرضة للإصابة بالمرض في مناطق ريفية ويعتمدون على الزراعة أو صيد الأسماك أو تربية الحيوانات أو الصيد.
  • يتخذ داء المثقبيات الأفريقي البشري شكلَين رهناً بالفصيلة الفرعية من الطفيلي المسبب للعدوى: المثقبية البروسية الغامبية (92% من الحالات المبلَّغ عنها) والمثقبية البروسية الروديسية (8% من الحالات).
  • أدّت جهود المكافحة المتواصلة إلى خفض عدد الحالات الجديدة بنسبة 97٪ في السنوات العشرين الماضية.
  • يتّسم تشخيص المرض وعلاجه بالتعقيد ويتطلبان مهارات خاصة.

لمحة عامة

داء المثقبيات الأفريقي البشري - المعروف أيضاً باسم مرض النوم – هو مرض طفيلي محمول بالنواقل، تسببه طفيليات الأوّالي من جنس المثقبيات التي تنتقل إلى البشر عن طريق لدغات ذبابة التسي تسي (اللاواسن)، التي تنتقل إليها الطفيليات من البشر أو الحيوانات المصابين بالعدوى.

ويتوطّن ذباب التسي تسي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ولا ينقل المرض إلاّ فصائل معيّنة منه. ويعد سكان الأرياف، الذين يعتمدون على الزراعة أو صيد الأسماك أو تربية الحيوانات أو الصيد، أكثر الفئات تعرّضاً للدغاتها. والعديد من المناطق التي ينتشر فيها ذباب التسي تسي خالية من داء المثقبيات الأفريقي البشري. ويتّسم المرض بتوزيع بؤري يتراوح من قرية واحدة إلى مناطق بأكملها، ويمكن أن يختلف معدل الإصابة به من قرية إلى أخرى.

أشكال داء المثقبيات الأفريقي البشري

يتخذ داء المثقبيات الأفريقي البشري شكلَين رهناً بالفصيلة الفرعية للطفيلي:

  • تمثّل المثقبية البروسية الغامبية، التي توجد في 24 بلداً في غرب أفريقيا ووسطها، حالياً 92٪ من الحالات المبلّغ عنها وتسبب اعتلالاً مزمناً. وقد يُصاب الشخص بالعدوى لأشهر أو حتى أعوام دون أن تظهر عليه علامات أو أعراض كبيرة. وعندما تظهر أعراض واضحة، غالباً ما يكون المرض في مرحلة متقدمة يكون فيها الجهاز العصبي المركزي قد أُصيب بالفعل.
  • تمثّل المثقبية البروسية الروديسية، التي توجد في 13 بلداً واقعاً في شرق أفريقيا وجنوبها، 8٪ من الحالات المبلّغ عنها وتسبب مرضاً حاداً. وتظهر علامات المرض وأعراضه الأولى بعد مضي بضعة أسابيع أو أشهر على الإصابة بعدواه. ويتطور المرض بسرعة ويطال أعضاءً متعددة، بما فيها الدماغ.

وينتشر داء المثقبيات الأمريكي، أو داء شاغاس، بشكل رئيسي في أمريكا اللاتينية. ويسبّبه جُنَيْس مختلف من المثقبيات، يُنقل بواسطة ناقل آخر، وتختلف خصائص المرض تماماً عن خصائص داء المثقبيات الأفريقي البشري.

داء المثقبيات الحيواني

تسبّب المثقبيات الأخرى المرض لدى الحيوانات البرية والداجنة. وفي أفريقيا، يُطلق على شكل المرض الذي يصيب الماشية اسم "ناغانا". ويمثّل داء المثقبيات الذي يصيب الحيوانات الأليفة عائقاً كبيراً أمام تحقيق التنمية الاقتصادية في المناطق الريفية.

وتشكّل الحيوانات الأليفة والبرية المستودع الرئيسي للمثقبية البروسية الروديسية الممرّضة للبشر. كما يمكن أن تُصاب الحيوانات بعدوى المثقبية البروسية الغامبية ويُحتمل أن تشكل مستودعاً لها على نطاق أضيق ولكنه غير معروف بدقة.

عبء المرض وتوزيعه

يهدّد داء المثقبيات الأفريقي البشري بشكل رئيسي سكان المناطق الريفية النائية التي تعاني من محدودية الخدمات الصحية، مما يعقّد تشخيص المرض وعلاجه. وتتأثّر هذه الفئات السكانية أيضاً بالحرب والنزوح والفقر، وهي عوامل تساعد على انتقال العدوى.

وقد اندلعت عدة أوبئة خلال القرن الماضي:

  • في الفترة بين عامي 1896 و1906، وبشكل أساسي في أوغندا وحوض الكونغو
  • في عشرينيات القرن الماضي في العديد من البلدان
  • في الفترة بين عام 1970 وأواخر تسعينيات القرن الماضي.

وتمّت السيطرة على الوباء المندلع في عام 1920 بفضل جهود الفرق المتنقلة التي فحصت ملايين الأشخاص. وبحلول منتصف الستينيات، تسنّت السيطرة على المرض، حيث سُجِّل أقل من 5000 حالة سنوية على صعيد القارة برمّتها. وقد أدى تراخي أنشطة الترصد إلى عودة ظهور المرض بمعدلات وبائية في عدة مناطق بحلول عام 1970. وفي عام 1998، أُبلغ عن ما يقرب من 000 40 حالة من مجموع يقدر بنحو 000 300 حالة لم يُكشف عنها ولم تُعالج. وبلغت معدلات انتشار المرض 50% في عدة قرى في كل من أنغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان. وكان داء المثقبيات الأفريقي البشري السبب الرئيسي أو الثاني للوفيات في تلك المجتمعات المحلية.

وقد تسنّى عكس مسار هذا المنحنى بفضل الجهود التي بذلتها المنظمة وبرامج المكافحة الوطنية والتعاون الثنائي والمنظمات غير الحكومية خلال تسعينيات القرن الماضي ومطلع القرن الحادي والعشرين، وتستهدف خارطة الطريق التي وضعتها المنظمة بشأن أمراض المناطق المدارية المهملة التخلّص من هذا المرض باعتباره مشكلة من مشاكل الصحة العامة بحلول عام 2020 ووقف انتقاله (بلوغ مرحلة انعدام الحالات) بحلول عام 2030.

وبعد جهود متواصلة لمكافحة داء المثقبيات الأفريقي البشري، انخفض عدد حالات الإصابة به إلى أقل من 2000 حالة في عام 2017 وأقل من 1000 حالة في عام 2018، وهو مستوى تاريخي لم يسبق بلوغه، وظل تحت هذه العتبة لغاية عام 2022. وتشير التقديرات إلى أن عدد السكان المعرضين لخطر الإصابة بالمرض بلغ 55 مليون نسمة خلال الفترة من عام 2016 إلى عام 2020، مع تعرُّض 3 ملايين نسمة فقط لخطر معتدل أو مرتفع.

ويختلف معدل انتشار المرض اختلافا كبيراً من بلد إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى. وفي السنوات الخمس الماضية:

  • أبلغت جمهورية الكونغو الديمقراطية عن 61٪ من الحالات (بمتوسط 522 حالة في السنة).
  • أعلن كل من أنغولا وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد والكونغو والغابون وغينيا وملاوي وجنوب السودان عن حالات تراوح عددها بين 10 حالات و100 حالة، فيما أعلن كل من الكاميرون وكوت ديفوار وغينيا الاستوائية وأوغندا وتنزانيا وإثيوبيا وزامبيا عن حالات تراوح عددها بين حالة واحدة و10 حالات.
  • أبلغت بوركينا فاسو وغانا وكينيا ونيجيريا وزمبابوي عن حالات فُرادية خلال العقد الماضي.
  • لم تبلغ بنين وبوتسوانا وبوروندي وغامبيا وغينيا بيساو وليبيريا ومالي وموزمبيق وناميبيا والنيجر ورواندا والسنغال وسيراليون وسوازيلاند وتوغو عن أي حالات منذ ما يزيد على عقد من الزمن. ويبدو أنّ انتقال المرض قد توقّف في بعض تلك البلدان، بيد أنه لم يتسنَ بعد تقييم الوضع تقييماً كاملاً.

العدوى والأعراض

ينتقل المرض أساساً عن طريق ذبابة التسي تسي. ولكن هناك طرق ممكنة أخرى لانتقال العدوى، وهي:

  • انتقال العدوى من الأم إلى طفلها: يمكن أن تخترق المثقبيات المشيمة وتصيب الجنين؛
  • يمكن حدوث انتقال ميكانيكي عن طريق حشرات أخرى ماصة للدم، على الرغم من أنه يُحتمل أن يكون أثرها الوبائي هامشياً؛
  • حدثت عدوى عرضية في بعض المختبرات عن طريق التعرّض لوخز الإبر الملوّثة.
  • أُبلغ عن حالة واحدة من انتقال المرض بواسطة الاتصال الجنسي.

وفي بداية المرض، تتكاثر المثقبيات في الأنسجة الموجودة تحت الجلد وفي الدم والخلايا اللمفاوية. وتُسمى هذه المرحلة من المرض بالمرحلة الدموية اللمفاوية أو المرحلة الأولى، وتنطوي على الإصابة بنوبات من الحمى والصداع وتضخم الغدد اللمفاوية وآلام المفاصل والحكة.

وفي مرحلة لاحقة، تعبُر الطفيليات الحائل الدموي الدماغي إلى الجهاز العصبي المركزي، مسببّةً المرحلة السحائية الدماغية أو المرحلة الثانية. وتتزامن هذه المرحلة عموماً مع ظهور علامات المرض وأعراضه بوضوح، من قبيل: التغيّرات السلوكية والتشوش والاضطرابات الحسيّة وضعف التناسق الحركي، علماً أن اضطراب دورة النوم، الذي يُسمّى به المرض، من السمات البارزة التي تميّز المرحلة الثانية من الإصابة بالمرض. وعادةً ما يكون داء المثقبيات الأفريقي البشري مميتاً إن لم يُعالج، على الرغم من أنه أُبلغ عن حالات نادرة من الشفاء الذاتي.

التشخيص

ينطوي التشخيص على 3 خطوات:

  • إجراء فحص الكشف عن عدوى محتملة باستخدام اختبارات مصلية (متاحة لكشف المثقبية البروسية الغامبية فقط) والفحص السريري؛
  • التأكيد بالمراقبة المجهرية للطفيلي في سوائل الجسم؛
  • تحديد مرحلة المرض عن طريق الفحص السريري وتحليل السائل الدماغي النخاعي المأخوذ بواسطة البزل القطني، عند الاقتضاء.

ويعد التشخيص المبكر مهماً لتفادي تطور المرض إلى المرحلة العصبية، التي تتطلب علاجًا أكثر تعقيدًا وخطورة.

وتعد المرحلة الأولى الطويلة نسبياً للإصابة بداء المثقبيات الأفريقي البشري الناجم عن المثقبية البروسية الغامبية غير المصحوبة بأعراض من الأسباب التي تستدعي إجراء فحص نشط للفئات السكانية المعرّضة للخطر من أجل الكشف عن الحالات في مرحلة مبكرة والتخلص منها بوصفها مستودعاً للمرض. ويتطلّب الفحص الشامل استثماراً كبيراً في الموارد البشرية والمادية. وغالباً ما تعاني أفريقيا من شحّ تلك الموارد، ولاسيما في المناطق النائية. وعليه فقد يفارق بعض المصابين بالعدوى الحياة قبل التمكّن حتى من تشخيص حالتهم وعلاجهم.

العلاج

يتوقف خيار العلاج على شكل المرض ومرحلة الإصابة به. وكلّما عولج المرض في وقت مبكر، كان احتمال الشفاء منه أفضل. ويستدعي تقييم حصائل العلاج متابعة لمدة تصل إلى 24 شهراً، مقترنة بتقييم سريري وفحوص مختبرية، بما يشمل فحص السائل النخاعي أحياناً، لأن الطفيليات قد تظل حية في جسم المريض وتصيبه بالمرض مجدداً بعد مضي عدة أشهر على علاجه.

ويتطلب العلاج في المرحلة الثانية من المرض أدوية قادرة على عبور الحائل الدموي الدماغي.

وتتبرّع الشركات المصنّعة بجميع مضادات داء المثقبيات إلى المنظمة، وتُوزّع هذه الأدوية مجاناً على البلدان الموطونة بالمرض. وصدرت في عام 2019 مبادئ المنظمة التوجيهية الجديدة بشأن علاج داء المثقبيات الأفريقي البشري الناجم عن المثقبية البروسية الغامبية. وتُستعمل ستة أدوية وهي:

لعلاج داء المثقبيات الأفريقي البشري الناجم عن المثقبية البروسية الغامبية:

  • البنتاميدين، يُعطى في العضل: يُستعمل في المرحلة الأولى من المرض، ويتحمله المرضى بشكل جيد عموماً.
  • الإفلورنيثين، يُعطى عن طريق الوريد: أكثر مأمونية من الميلارسوبرول، وهو فعالٌ في علاج داء المثقبيات الأفريقي البشري الناجم عن المثقبية البروسية الغامبية فقط. ويُعطى عموماً بالاقتران مع النيوفروتيموكس (العلاج المركب بتوليفة النيفورتيموكس والإيفلورنيثين)، ولكن يمكن استعماله أيضاً كعلاج أحادي. وتتّسم طريقة إعطائه بالتعقيد.
  • النيفورتيموكس، يُعطى عن طريق الفم: يُستعمل في المرحلة الثانية من المرض في إطار العلاج المركب بتوليفة النيفورتيموكس والإيفلورنيثين فقط، وهو علاجٌ أقصر مدة تُنقع فيه الإفلورنيثين بكمية أقل بأربع مرات، وهو أكثر مأمونية وفعالية من الإيفلورنيثين وحده. وتزوّد المنظمة البلدان الموطونة بالداء بالعلاج المركب بتوليفة النيفورتيموكس والإيفلورنيثين مجاناً في شكل مجموعة لوازم تحتوي على جميع المواد اللازمة لإعطائه للمرضى.
  • الفيكسينيدازول، يؤخذ عن طريق الفم: يُستعمل في المرحلة الأولى وفي المرحلة الثانية غير الوخيمة. وضماناً لفعالية هذا الدواء، يلزم أخذه بعد تناول وجبة صلبة من الطعام وتحت إشراف طاقم طبي مدرّب.

لعلاج داء المثقبيات الأفريقي البشري الناجم عن المثقبية البروسية الروديسية:

  • السورامين، يؤخذ عن طريق الوريد: يُستعمل في المرحلة الأولى من المرض. وقد يسبب بعض الآثار الضائرة، بما يشمل تسمّم الكلية وتفاعلات الحساسية.
  • الميلارسوبرول، يُعطى عن طريق الوريد: يُستعمل في المرحلة الثانية من المرض. وهو دواء مشتق من الزرنيخ وينطوي على العديد من الآثار الضائرة، أخطرها الاعتلال الدماغي التفاعلي الذي يكون مميتاً في 3 إلى 10٪ من الحالات. 

استجابة منظمة الصحة العالمية

منذ عام 2001، أتاحت شراكات بين القطاعين العام والخاص مع مؤسسة سانوفي وشركة باير هيلثكير تنفيذ سلسلة من الأنشطة في إطار برنامج المنظمة لترصّد داء المثقبيات الأفريقي البشري ومكافحته.

وتوفّر المنظمة جميع الأدوية المضادة لداء المثقبيات في العالم مجاناً بفضل تبرّعات سانوفي وباير والتعاون مع مركز لوجستيات منظمة أطباء بلا حدود ("MSF-Logistics") في مجال التكييف والشحن.

ويُتاح بنكٌ بيولوجي تابع للمنظمة للباحثين لغرض استحداث أدوات تشخيص جديدة وميسورة التكلفة. ويحتوي هذا البنك، الذي يستضيفه معهد باستور في باريس، على عيّنات من المرضى المصابين بداء المثقبيات الأفريقي البشري الناجم عن المثقبية البروسية الغامبية وداء المثقبيات الأفريقي البشري الناجم عن المثقبية البروسية الروديسية ومن شواهد غير مصابين بالعدوى.

ويجمع أطلس داء المثقبيات الأفريقي البشري لمنظمة الصحة العالمية، الذي يُنفَّذ بالاشتراك مع منظمة الأغذية والزراعة، البيانات الوبائية المحددة جغرافياً حسب القرية.

وتنسّق شبكة المنظمة للتخلص من داء المثقبيات الأفريقي البشري جهود جميع الجهات صاحبة المصلحة، بما فيها البرامج الوطنية لمكافحة داء المثقبيات الأفريقي البشري والمنظمات الدولية وغير الحكومية والأوساط الأكاديمية والجهات المانحة. وتتولى المجموعات الفرعية للشبكة معالجة الجوانب التشخيصية والعلاجية وجوانب مكافحة النواقل والجوانب الاجتماعية والثقافية والبرمجية والعلمية لداء المثقبيات الأفريقي البشري.

وتتعاون المنظمة مع منظمة الأغذية والزراعة والوكالة الدولية للطاقة الذرية والاتحاد الأفريقي في إطار برنامج مكافحة داء المثقبيات الأفريقي.

وتقدم المنظمة الدعم إلى البرامج الوطنية من أجل:

  • تعزيز أنشطة مكافحة داء المثقبيات الأفريقي البشري وتنسيقها ودعمها
  • ضمان الحصول على وسائل التشخيص وأفضل العلاجات المُتاحة
  • تدريب الموظفين على مختلف المستويات
  • ضمان ترصّد داء المثقبيات الأفريقي البشري والاستجابة له على نحو ملائم