عند وصف القوة الدافعة لعمله على مساعدة مرضى السرطان، يقتبس الدكتور موساوي عبارة من لوي باستور، الذي قال ذات مرّة "لقد فعلت كل ما في وسعي، من أجل بلدي". كان الدكتور موساوي في العاشرة من عمره عندما قرأ لأول مرة كلمات باستور، الذي عاجله الموت قبل إلقاء خطابه العلني الأخير، فجاء شخص آخر ليفعل ذلك من أجله. لقد أثّرَت هذه الكلمات على الدكتور موساوي مدى الحياة، وهكذا واتته فكرة إنشاء جمعية البدر.
تعني كلمة "بدر" "القمر في تمامه" باللغة العربية. كان مؤسّسو الجمعية يفكرون في مرضى السرطان المسنين الذين يكابدون الوحدة واليأس، ممن يعيشون في الظلام بسبب مرضهم، فاختاروا اسماً يوضح مدى تصميمهم على جلب شعاع من الضوء يبدّد تلك العتمة.
تضمّ الجمعية أناساً من جميع مناحي الحياة، كلٌّ منهم متفرِّد بتجربته الشخصية الذاتية وخبرته المهنية، يؤمنون جميعًا بأنهم يستطيعون فعل شيء ما لغيرهم من الجزائريين، الذين يعانون من السرطان. يتذكّر الدكتور موساوي قائلاً: "كان حجر الزاوية في حياتي ومساري المهني عندما أنشأنا الجمعية في وقت سابق من أيلول/سبتمبر 2006. لقد شهدنا أناساً كثيرين للغاية يموتون ببطء من السرطان، بلا أمل وهم يتألّمون، لدرجة أننا شعرنا أنه ليس لدينا خيار سوى القيام بشيء معاً، لمجرّد تخفيف معاناتهم وتحسين الرعاية المقدّمة لهم."
"منذ ذلك الحين، ونحن نشهد بالفعل تقدّماً مذهلاً في كيفية علاج مرضى السرطان: يجري إنشاء جمعيات لمكافحة السرطان، وتعكف الحكومة على إقامة العديد من مراكز علاج السرطان، ويقدّر المجتمع الصحي العالمي عملنا النموذجي ويهنّئنا عليه".
إن أحد الإنجازات الرئيسية في هذا المضمار هي قيام الجزائر بوضع وإطلاق أول خطة وطنية من نوعها لمكافحة السرطان. لقد منح ذلك فريق "البدر" القوة والقدرة على الاستمرار، فافتتح داراً لرعاية مرضى السرطان في عام 2015.
يضيف الدكتور موساوي مؤكِّداً " فريقنا الرائع من الزملاء والمتطوعين على أتم استعداد لتبادل خبراتنا وأفكارنا. فنحن نؤمن بضرورة مشاركة عدد أكبر كثيراً من المواطنين في هذه القضية." وتهدف الجمعية إلى جذب المزيد من الجزائريين، بحيث تعمل المجتمعات المحلية بشكل مشترك للتخفيف من معاناة مرضى السرطان المسنّين.
لقد ازداد متوسط العمر المتوقع بشكل ملحوظ في الجزائر خلال العقود الماضية. وتصرّ جمعية البدر على ضرورة دعم أولئك الذين يعانون في صمت، لا تراهم أعين الناس - وهم كبار السن في معظم الأحيان. ويأمل الفريق بشدة أن تكون منظمة الصحة العالمية في مقدّمة الركب لتقديم المشورة إلى البلدان حول كيفية مساعدة المسنّين المصابين بأمراض خطيرة، مثل السرطان.
العمل مع الشباب
لكل جمعية إيقاعها الخاص للتطور والنضج، واختبار وتنفيذ طرق جديدة أفضل للوفاء بالتزاماتها. وتجربة النجاح العظيمة بالنسبة إلى "البدر" هي الطريقة التي تجذب بها الشباب.
يقول الدكتور موساوي: "كان ابني في العاشرة من عمره عندما بدأت الجمعية. ويبلغ من العمر الآن 22 عامًا وقد أخذ يجلب أصدقاءه، الذين يأتون بأصدقاء آخرين، وبعائلات هؤلاء الأصدقاء."
يرى المتطوعون الشباب في العمل الجليل الذي تقوم به "البدر" مصدر إلهام وكثيراً ما يأخذون زمام المبادرة. وسرعان ما أصبحت "البدر الصغرى" التي أنشئت مؤخراً، فرع الشباب في الجمعية، منصّة الشباب للعمل مع المسنّين، حيث تحوّل دعم المسنّين المصابين بالسرطان إلى مصدر إلهام للصغار والكبار على حد سواء. يتنهّد الدكتور موساوي قائلاً: "لا يمكن إيقاف الشباب. لذلك تعلّمنا ألا نقول أبدًا كلمة "لا" عندما يطرحون أفكاراً جديدة."
تُوِّج العمل الذي تقوم به "البدر" بالتقدير في تشرين الأول/أكتوبر 2015 عندما كافأت منظمة الصحة العالمية الجمعية على عملها في مكافحة التبغ. كما تقدّم مدينة البليدة دعماً مالياً للجمعية من خلال تبرعات لدعم دار رعاية مرضى السرطان التابعة لها.
التطلّع نحو المستقبل
يقول الدكتور موساوي: "أتمنى أن تصبح لدينا قدرة أكبر على معالجة الأسباب الأساسية للسرطان. نحن نتطلع إلى تحقيق أهداف أسمى. ونخطط لحملة توعية ضخمة، من أجل تعريف السكان بعوامل الخطر التي ينبغي عليهم فهمها والقضاء عليها".
ويختتم قائلاً: "نتمنى أيضاً أن نكون قادرين على توسيع عملنا والبدء في مساعدة الأطفال المصابين بالسرطان - وهذا هو هدفنا الكبير التالي. في 1 حزيران/يونيه، سنشهد لحظة لا تُنسى في اليوم العالمي للطفل، حيث سيتم البدء في بناء أول مركز لعلاج الأطفال المصابين بالأورام في الجزائر. وسيتم دعم هذا المسعى من خلال التمويل المقدّم من جائزة سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.