في إنجاز بارز في مجال الصحة العامة، صادقت منظمة الصحة العالمية (المنظمة) على تخلص فيجي من التراخوما بوصفها من مشاكل الصحة العامة. وبذا ما عادت التراخوما تشكل خطراً على الصحة العامة في البلد، وهي من أمراض المناطق المدارية المهملة والسبب المعدي الرئيسي للإصابة بالعمى في العالم.
والتراخوما أول مرض من أمراض المناطق المدارية المهملة تنجح فيجي في التخلص منه، لتصبح بذلك البلد السادس العشرين الذي يتخلص من التراخوما بوصفها من مشاكل الصحة العامة، وكذلك البلد الثامن والخمسين في العالم الذي يتخلص من مرض واحد على الأقل من أمراض المناطق المدارية المهملة.
وتحدث الدكتور تيدروس أدحانوم غيبريسوس المدير العام للمنظمة قائلاً: "تهنئ المنظمة فيجي وشبكتها من الشركاء العالميين والمحليين على تحقيق هذا الإنجاز البارز، لأنها منحت الأجيال القادمة من سكان فيجي هدية ثمينة تحررهم من المعاناة التي سببتها التراخوما لأسلافهم."
وتسبب بكتيريا المتدثرة الحثرية مرض الترخوما الذي تنتشر عدواه من خلال مخالطة الأشخاص المصابين بالعدوى وملامسة السطوح الملوثة وبواسطة الذباب الملامس للإفرازات المنبعثة من عيني الشخص المُصاب بالعدوى أو من أنفه. ويمكن أن يؤدي التعرّض لنوبات متكررة من الإصابة بعدوى المرض إلى تندب الجفون وانسحابها إلى داخل العينين والإصبة بالعمى في نهاية المطاف. وما زال المرض متوطناً على الصعيد العالمي في صفوف الكثير من المجتمعات الضعيفة التي تعاني من محدودية إتاحة إمدادات المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي.
قصة نجاح فيجي
تحدث الدكتور سايا ماو بيوكالا مدير المنظمة الإقليمي لغرب المحيط الهادئ قائلاً: "إن نجاح فيجي في التخلص من التراخوما هو تجسيد لما يمكن تحقيقه بفضل تضافر جهود المجتمعات المحلية والحكومات والشركاء من أجل بلوغ هدف مشترك. وهذا الإنجاز إنما هو احتفال بقدرة قيادة المحيط الهادئ ونتائج الاستثمار المستدام الموظف في مجال الصحة. وتهنئ المنظمة فيجي وتعرب عن التزامها بدعم البلدان في جميع أنحاء الإقليم فيما يخص تعزيز صحة الجميع لكي لا يتخلف أحد عن الركب."
وكانت التراخوما في السابق مشكلة كبيرة من مشاكل الصحة العامة في فيجي، وهو ما وثقته تقارير طبية صدرت في ثلاثينيات القرن الماضي ومسوح مجتمعية أُجريت في خمسينيات القرن الماضي أفادت بانتشار المرض على نطاق واسع وخطورة الإصابة بالعمى بسببه. وبحلول ثمانينيات القرن الماضي، تراجعت حالات الإصابة بالمرض بشكل ملحوظ وبرزت حالات الإصابة بالساد والخطأ الانكساري بوصفهما من الأسباب الرئيسية لفقدان البصر.
ولكن الشواغل أُثيرت مجدداً في العقد الأول من الألفية الثانية عقب إجراء تقييمات سريعة أشارت إلى ارتفاع معدلات الإصابة بالتراخوما النشطة لدى الأطفال، مما دفع وزارة الصحة والخدمات الطبية إلى استهلال تنفيذ برنامج شامل لفهم الوضع بشكل أفضل واتخاذ الإجراءات اللازمة.
كما واظبت فيجي منذ عام 2012 على إجراء سلسلة مسوح ودراسات قوية ومدعومة دولياً شملت مسوحاً عن معدلات انتشار المرض بين السكان وفحوصاً مختبرية لفهم الأوبئة المحلية الناجمة عن التراخوما وتمييزها عن غيرها من أسباب الأمراض التي تصيب العيون. وأكدت هذه الجهود المتواصلة، والمستكملة بمبادرات بشأن صون الصحة في المدارس وتوفير إمدادات المياه وخدمات الصرف الصحي وبرامج التوعية المجتمعية، أن التراخوما ما عادت من مشاكل الصحة العامة في فيجي وأن هناك نظماً موضوعة موضع التنفيذ لتحديد حالاتها وتدبيرها علاجياً في المستقبل.
ومن جهته، تحدث معالي الدكتور راتو أتونيو رابيسي لالابالافو وزير الصحة والخدمات الطبية في فيجي قائلاً: "إن تخلص فيجي من التراخوما يشكل مرحلة فارقة بشأن الإنصاف في مجال الصحة بالمحيط الهادئ. ويجسد هذا الإنجاز الجهود المبذولة في ميدان تنسيق العمل عبر سنوات طويلة - في كل أنحاء القرى والمرافق الصحية والمنصات الإقليمية - ليثبت بذلك التزاماً راسخاً من جانب عاملينا المعنيين بالرعاية الصحية والمجتمعات التي تقود عملية التغيير هذه. وندعو، في معرض احتفالنا بهذا الإنجاز، جهاتنا المانحة والشريكة في منطقة المحيط الهادئ وخارجها إلى مواصلة دعم العمل المُنجز بخطى سريعة بشأن مكافحة أمراض المناطق المدارية المهملة لأجل التصدي لأمراض أخرى لا في فيجي فحسب، ولكن عبر أنحاء منطقة المحيط الهادئ ككل."
الإسهام في إحراز التقدم العالمي
إن أمراض المناطق المدارية المهملة هي مجموعة أمراض وحالات متعددة تخلف عواقب صحية واجتماعية واقتصادية مدمرة. وتنتشر أساساً هذه الأمراض في صفوف معظم المجتمعات المحلية الفقيرة بالمناطق الاستوائية. وتشير المنظمة في تقديراتها إلى أن أمراض المناطق المدارية المهملة تؤثر على أكثر من مليار شخص.
وتتناول الغايات الواردة في خريطة الطريق بشأن الأمراض المدارية المهملة للفترة 2021-2030 مسائل الوقاية من 20 مرضاً ومجموعة من الأمراض ومكافحتها والتخلص منها واستئصالها بحلول عام 2030.
وقد صادقت المنظمة منذ عام 2016 على تخلص 13 دولة من مرض واحد على الأقل من أمراض المناطق المدارية المهملة من الدول الأعضاء في إقليم غرب المحيط الهادئ الذي يضم 38 بلداً ومنطقة، منها ستة بلدان (هي كمبوديا والصين وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية وبابوا غينيا الجديدة وفانواتو وفييت نام) تخلصت بنجاح من التراخوما بوصفها من مشاكل الصحة العامة. ويشكل التخلص من التراخوما جزءاً من الجهود المبذولة لإحراز التقدم على نطاق أوسع بشأن مكافحة أمراض المناطق المدارية المهملة في فيجي وبقية البلدان الواقعة في إقليم غرب المحيط الهادئ.
وتواصل المنظمة دعم البلدان في جهودها الرامية إلى التخلص من مرض التراخوما وغيره من أمراض المناطق المدارية المهملة لتكفل بذلك تمتع الجميع بحياة أوفر صحة، وخصوصاً الفئات الأشد حرماناً من السكان.