أخبار فاشيات الأمراض

جدري القردة - جمهورية الكونغو الديمقراطية

23 تشرين الثاني/نوفمبر 2023

الوضع في لمحة سريعة

جدري القردة مرض مُعدٍ يسببه فيروس جدري القردة المتوطن في مناطق حرجية كثيفة من غرب أفريقيا ووسطها وشرقها، وخصوصاً في المناطق الشمالية والوسطى من جمهورية الكونغو الديمقراطية. وقد حُدّدت إحدى عشرة مقاطعة من أصل 26 مقاطعة في جمهورية الكونغو الديمقراطية على أنها موطونة بجدري القردة، ولكن تبين في السنوات الأخيرة أن العدد الإجمالي لحالات المرض وعدد المقاطعات التي أبلغت عن حالات الإصابة به قد زاد وانتشر في 22 مقاطعة حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2023. ويوجد نوعان من الفروع الحيوية المعروفة الأحادية السلف من فيروس جدري القردة وهما: الفرع الحيوي الأول المعروف سابقاً باسم الفرع الحيوي لنهر الكونغو؛ والفرع الحيوي الثاني الذي كان يُسمى في السابق الفرع الحيوي لغرب أفريقيا؛ وينقسم كذلك الفرع الحيوي الثاني إلى فرعين حيويين آخرين فرعيين هما: الفرع الحيوي الفرعي الثاني أ والفرع الحيوي الفرعي الثاني ب. ولم يُبلّغ قبل عام 2018 سوى عن عدد قليل جداً من الحالات خارج القارة الأفريقية: ثمانية مسافرين دوليين عائدين من بلدان موطونة بالمرض وفاشية واحدة ذات صلة بحيوانات مستوردة. ومنذ عام 2022 ووباء فيروس جدري القردة من الفرع الحيوي الفرعي الثاني ب آخذ في الانتشار على صعيد العالم، وهو يؤثر على بلدان كثيرة خارج القارة الأفريقية لم يسبق لها قطّ أن أبلغت عن جدري القردة. ولعل الدافع الرئيسي وراء انتشار هذا الوباء هو انتقاله عن طريق الاتصال الجنسي فيما بين الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال. ولم تبلغ جمهورية الكونغو الديمقراطية حتى الآن عن حالات إصابة بجدري القردة ناجمة عن فيروس جدري القردة من الفرع الحيوي الفرعي الثاني ب أثناء اندلاع الفاشية العالمية؛ ولم يُكشف في البلد إلا عن فيروس المرض من الفرع الحيوي الأول. ولم تُسجّل قبل نيسان/أبريل 2023 أية حالات موثقة رسمياً لانتقال فيروس جدري القردة من الفرع الحيوي الأول عن طريق الاتصال الجنسي على نطاق العالم. وقد أُبلغ عن أولى حالات المرض المعروفة عندما ثبت من فحص رجل مقيم في بلجيكا تربطه صلات بجمهورية الكونغو الديمقراطية أنه مصاب بفيروس المرض من الفرع الحيوي الأول في كينغي عاصمة مقاطعة كوانغو أثناء زيارته لجمهورية الكونغو الديمقراطية. وبعدها ثبت من فحص المخالطين الجنسيين لهذه الحالة في جمهورية الكونغو الديمقراطية أنهم مصابون بفيروس المرض من الفرع الحيوي نفسه وأن تسلسلاتهم الفيروسية تربطها صلة وثيقة بتسلسل الحالة الأولى الفيروسي. وهذه هي المرة الأولى التي تُربط فيها عدوى فيروس جدري القردة من الفرع الحيوي الأول بانتقال المرض عن طريق الاتصال الجنسي ضمن نطاق مجموعة ما. كما يتواصل الإبلاغ عن فاشية أخرى في البلد أسفرت عن الإصابة بعدة حالات من جدري القردة فيما بين المشتغلين بالجنس. ويتواصل الإبلاغ منذ سبعينيات القرن الماضي عن انتقال جدري القردة بين البشر في جمهورية الكونغو الديمقراطية من خلال المخالطة الوثيقة، وهو انتقال سببه في الأغلب فاشيات المرض الصغيرة الناشبة في صفوف الأسر أو المجتمعات المحلية والتي يُفترض أنها ناجمة أساساً عن انتقال العدوى الحيوانية المصدر. وإن ديناميات انتقال فيروس جدري القردة من الفرع الحيوي الأول غير مفهومة تماماً في جمهورية الكونغو الديمقراطية بسبب قصور إتاحة وسائل التشخيص في الوقت المناسب، والصعوبات المواجهة في ربط الحالات بأي اتصال بالحيوانات المعدية، وعدم اكتمال التحريات المتعلقة بوبائيات المرض وتتبع المخالطين على مر السنين. وتثير الآن هذه الخصائص الجديدة لطرق انتقال المرض بواسطة الاتصال الجنسي وبوسائل أخرى مجهولة شواغل إضافية بشأن استمرار انتقال الفاشية بسرعة في البلد. ويواصل فيروس جدري القردة من الفرع الحيوي الفرعي الثاني ب انتقاله بين صفوف البشر بمعظم أقاليم منظمة الصحة العالمية (المنظمة) في إطار فاشية مرض جدري القردة العالمية المندلعة في عام 2022. وإضافة إلى ذلك، ثمة فاشيات أخرى من فيروس جدري القردة من الفرع الحيوي الأول تندلع بشكل منتظم في صفوف المجتمع المحلي بثلاثة بلدان (الكاميرون وجمهورية أفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية) وبشكل متقطع في بلدان أخرى (مثل السودان وجنوب السودان). ويُفترض أيضاً أن هناك انتقالاً لعدوى المرض من الحيوانات إلى البشر في بعض هذه المناطق الجغرافية الواقعة في شرق أفريقيا وغربها ووسطها. أمّا المستودع الطبيعي لفيروس المرض، فما زال مجهولاً؛ ومع أن من المعروف عن العديد من الثدييات الصغيرة مثل السناجب والقردة أنها عرضة للإصابة بالفيروس، ولكنها نادراً ما تُربط بفاشيات المرض.

وصف الوضع الراهن

أُبلغ في الفترة الواقعة بين 1 كانون الثاني/يناير و12 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 عمّا مجموعه 569 12 حالة يُشتبه في إصابتها بمرض جدري القردة، منها 581 وفاة يُشتبه في أنها ناجمة عن المرض (معدل إماتة الحالات: 4.6٪)، في 156 قطاعاً صحياً تابعاً لمقاطعات عددها 22 مقاطعة من أصل 26 مقاطعة (85٪) بجمهورية الكونغو الديمقراطية. وهذا العدد هو أكبر عدد من الحالات المُبلّغ عنها على الإطلاق في العام، بالاقتران مع ظهور حالات جديدة في مناطق جغرافية لم تُبلغ سابقاً عن حالات إصابة بجدري القردة، بما فيها كينشاسا، ولوالابا، وكيفو الجنوبية. وفُحِصت من بين الحالات المُشتبه فيها 1106 حالات بواسطة اختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل بالانتساخ العكسي، وجاءت نتائج 714 حالة منها على أنها مُصابة بفيروس جدري القردة (معدل الحالات الإيجابية 65٪). 

وتتسبب الحالات التي سبق لها أن سافرت إلى مقاطعات موطونة بالمرض في ظهور سلاسل من انتقال عدوى المرض بين البشر في مقاطعات غير متأثرة بالمرض (الشكلان 1 و2). 

الشكل 1: التوزيع الجغرافي للحالات المُشتبه فيها من جدري القردة بحسب المقاطعة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، 1 كانون الثاني/يناير - 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 (الأسابيع الوبائية من 1 إلى 44)

الشكل 2: التوزيع الجغرافي للحالات المؤكدة من جدري القردة بحسب المقاطعة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، 1 كانون الثاني/يناير - 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 (الأسابيع الوبائية من 1 إلى 40)

أولى حالات فيروس جدري القردة من الفرع الحيوي الأول المنقولة جنسياً: 

حُدّدت أول مجموعة من الحالات المُشتبه فيها من جدري القردة المنقول جنسياً في كينغي عاصمة مقاطعة كوانغو في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وشملت ست حالات مؤكدة بواقع خمسة رجال وامرأة واحدة، ولم تسبب وفيات فيما بين الحالات المؤكدة. وتتعلق الحالة الأولى المعروفة برجل مقيم في بلجيكا تربطه صلات بجمهورية الكونغو الديمقراطية كان قد وصل إلى كينشاسا يوم 15 آذار/مارس 2023 وبدأ يشعر بعدم ارتياح وحكة في منطقة الشرج باليوم نفسه. وفي اليوم التالي بعد يوم واحد من وصوله من بلجيكا، سافر إلى العاصمة كينغي (الواقعة على بعد 260 كيلومتراً من كينشاسا)، وفي 17 آذار/مارس، تطورت الآفات التي أصابت شرجه وأعضائه التناسلية وأصبحت بثوراً مؤلمة، كما ظهرت آفات جلدية أخرى على جذعه وردفيه. وفي 23 آذار/مارس، استشار طبيباً اشتبه في إصابته بجدري القردة وأُخذت منه عينة دم ومسحات من الفم والبلعوم والمستقيم والحويصلة يوم 24 آذار/مارس. وجاءت نتائج فحص المريض إيجابية بواسطة اختبار تفاعل البوليميراز التسلسلي بالانتساخ العكسي لعينات بيولوجية في المعهد الوطني لبحوث الطب الحيوي بكينشاسا، وأُبلغت وزارة الصحة بالنتائج يوم 10 نيسان/أبريل. وتأكد من فحص العينة بواسطة تحليل التسلسل الجينومي أنها حاملة لفيروس جدري القردة من الفرع الحيوي الأول. 

وعرف الشخص نفسه على أنه رجل يقيم علاقات جنسية مع رجال آخرين، وكان أثناء سفره وإقامته في جمهورية الكونغو الديمقراطية قد زار نوادي معروفة يرتادها سراً رجال يمارسون الجنس مع الرجال ومارس فيها معهم عدة اتصالات جنسية. وقد أبدى الشخص أعراض الإصابة بجدري القردة يوم وصوله إلى البلد، ونظراً لأن فترة حضانة المرض غالباً ما تتجاوز اليوم الواحد، فإن المعلومات المتاحة تشير إلى أن تعرضه للمرض قد حدث خارج جمهورية الكونغو الديمقراطية. ورغم ذلك، أكد التحليل الجيني للفيروس إصابة المريض بسلالة المرض من الفرع الحيوي الأول المماثلة لسلالات أخرى دائرة في جمهورية الكونغو الديمقراطية. ومع أن المريض لم يبلغ عن تعرضه لشخص آخر مصاب بحالة مؤكدة من جدري القردة، فإن التحريات الوبائية تشير إلى أن من المحتمل أنه قد تعرض للمرض في بلجيكا. 

كما حددت التحريات الوبائية التي تلت الكشف عن هذه الحالة الأولى العديد من المخالطين الجنسيين وغير الجنسيين الذين خضعوا للرصد بمرور الوقت بحثاً عن علامات الإصابة بجدري القردة وأعراضه. ومن بين 27 مخالطاً حُدّدوا وستة مخالطين خضعوا للفحص، جاءت نتائج فحص خمسة مخالطين جنسيين منهم على أنها إيجابية من حيث الإصابة بالمرض كالتالي: تأكدت إصابة اثنين منهم يوم 10 نيسان/أبريل وثلاثة آخرين يوم 18 نيسان/أبريل. ومن بين هؤلاء المخالطين الخمسة، ظهرت أعراض المرض على ثلاثة منهم أثناء فترة متابعتهم التي دامت 21 يوماً. كما ثبت من فحص مخالطين اثنين لم تظهر عليهما أعراض المرض أنهما مصابان بالمرض بعد اختبار عينة من أغشيتهما المخاطية. ومن بين الحالات الخمس المؤكدة للمخالطين، كانت هناك أربع حالات أصابت رجالاً تتراوح أعمارهم بين 24 و35 عاماً وحالة أصابت امرأة واحدة. وأكد المُصاب بالحالة الأولية أنه أجرى اتصالاً جنسياً مع كل واحد منهم. وبعد تعافي المُصاب من جدري القردة عاد إلى بلجيكا يوم 5 أيار/مايو 2023. 

وتمثل هذه المجموعة من حالات جدري القردة أول انتقال جنسي موثق لفيروس جدري القردة من الفرع الحيوي الأول، وهي أيضاً أول انتقال موصوف لهذا الفيروس فيما بين الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال. وجدير بالذكر أن هناك نوادي في العاصمة كينغي للرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال، يسافر بعض أعضائها لزيارة نوادي أخرى داخل البلد وخارجه، وخاصة في أوروبا وداخل وسط أفريقيا. كما يوجد في مدينة كينشاسا أكثر من 50 نادياً من هذه النوادي، ممّن يقيم بعض أعضائها خارج جمهورية الكونغو الديمقراطية. ويتسم هذا الحدث بطابع غير مألوف ويبرز خطورة انتشار فيروس جدري القردة من الفرع الحيوي الأول على نطاق واسع فيما بين الشبكات الجنسية، مثلما لُوحظ بشأن فرعه الحيوي الثاني أثناء اندلاع فاشيته العالمية في عامي 2022-2023. 

وسُجّلت يوم 28 تموز/يوليو 2023 حالة مؤكدة أخرى لإصابة رجل آخر بجدري القردة كان قد مارس الجنس مع رجال في بلدة كينغي بجمهورية الكونغو الديمقراطية. وكان هذا المريض مقيماً في العاصمة كينغي وقد ظهرت عليه أعراض المرض يوم 11 حزيران/يونيو 2023، ولم يكن مدرجاً ضمن مخالطي المجموعة الأولى من الحالات. كما أن التحريات الوبائية المحدودة لم تربطه مباشرة بمجموعة حالات آذار/مارس - نيسان/أبريل، ولم تخضع تلك الحالة لتحليل التسلسل الجينومي. ويتواصل إجراء المزيد من التحريات الوبائية للتحقق من التقارير المتعلقة بظهور حالات جديدة في تلك المقاطعة. 

أول فاشية لجدري القردة في كينشاسا 

تأكد في آب/أغسطس 2023 لأول مرة ظهور حالات إصابة بجدري القردة في كينشاسا عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية. وحُدّدت أربع حوادث منفصلة سافر فيها أشخاص تعرضوا للفيروس في مقاطعات أخرى (خط الاستواء، ميندومبي) إلى كينشاسا، وتسبب كل واحد منهم في انتقال العدوى محلياً بالتلازم مع ظهور مجموعات صغيرة من الحالات في العاصمة. وأُبلغ في الفترة الواقعة بين 18 آب/أغسطس و12 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 عمّا مجموعه 102 حالة مُشتبه فيها بثمانية قطاعات صحية في كينشاسا، منها 18 حالة مؤكدة أودت حالة واحدة منها بحياة المُصاب بها (بمعدل إماتة حالات نسبته 5.6٪ فيما بين الحالات المؤكدة). 

وأصابت الحالة المؤكدة الأولى شخصاً وصل من مقاطعة ميندومبي الموطونة بجدري القردة إلى كينشاسا على متن قارب نهري. وتأكدت إصابته بجدري القردة يوم 18 آب/أغسطس وظهرت لاحقاً أعراض المرض على العديد من مخالطيه المقربين وثبت بالفحص أنهم مصابون بالمرض. وأُبلغ عن حالات مؤكدة وافدة أخرى في القطاعات الصحية لكل من ليميتي وماكالا ونسيلي. وتتوزع الحالات المؤكدة في كينشاسا بين الجنسين بواقع حالتين بين الرجال مقابل حالة واحدة بين النساء بمتوسط عمر قدره 24 عاماً (وفاصل ثقة نسبته 95٪ 11-27) عاماً. وقد تعافت في الوقت الراهن 13 حالة مؤكدة (منها عامل صحي) ووافت المنية حالة أخرى بينما تخضع أربع حالات للعزل والعلاج. وكان الشخص المتوفى مصاباً أيضاً بالسل وأُصيب بجدري القردة أثناء علاجه في المستشفى، مما يدل على انتقال العدوى داخل المستشفى. 

وتبين بوضوح هذه التقارير الجديدة عن انتقال جدري القردة بين البشر في منطقة حضرية كبيرة مثل كينشاسا أن وبائيات جدري القردة في جمهورية الكونغو الديمقراطية آخذة في التغير.

أول فاشية لجدري القردة في كيفو الجنوبية 

لم تبلغ مقاطعة كيفو الجنوبية قبل عام 2023 عن أية حالات إصابة بجدري القردة. وقد أصابت الحالة المؤكدة الأولى تاجراً شاباً سافر من كيسنغاني الواقعة في مقاطعة تشوبو، وهي إحدى المقاطعات الموطونة بجدري القردة، قبل أيام قليلة من ظهور أعراض المرض عليه يوم 26 أيلول/سبتمبر 2023. وقد ظهرت أولى الآفات الجلدية الناجمة عن المرض على أعضائه التناسلية وانتشرت لاحقاً في جميع أنحاء جسمه. وسُجّل أثناء إجراء أولى التحريات الوبائية 113 مخالطاً في قطاعي بوكافو وكاميتوغا الصحيين. وأُبلغ لغاية يوم 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 عمّا مجموعه 80 حالة مُشتبه فيها و34 حالة مؤكدة (منها 20 شخصاً من المشتغلين بالجنس) في كيفو الجنوبية من قطاع كاميتوغا الصحي أساساً، ولم تسفر الحالات عن أية وفيات. وتعاني حالياً مقاطعة كيفو الجنوبية من الصراع والتشريد وانعدام الأمن الغذائي وتواجه تحديات في مجال تقديم المساعدات الإنسانية الكافية، وهي أمور تخلف كلها أثراً عميقاً على السكان المحليين، وخصوصاً الفئات الضعيفة منهم، وقد تهيئ مرتعاً خصباً لجدري القردة لمواصلة انتشاره بين صفوفهم. 

الدراسات المتعلقة بالحيوانات 

ما زال المستودع الطبيعي لفيروس جدري القردة مجهولاً - ويمكن أن تُصاب العديد من الثدييات الصغيرة كالسناجب بعدواه، ومن المعروف كذلك أن الرئيسيات غير البشرية شديدة التأثر بالفيروس سريرياً. وقد واظبت جمهورية الكونغو الديمقراطية وشركاؤها طوال عقود من الزمن على إجراء دراسات عن الحيوانات تحسيناً لتوصيف بيئة الفيروس ومستودعاته الحيوانية المحتملة أو مضيفاته العرضية. وقد أجريت هذه الدراسات في مقاطعات كل من إكواتور، وأويلي العليا، وكوانغو، وكويلو، وميندومبي، ومانيما، وسانكورو، وسود أوبانغي، وتشوبو، وتشوابا. ويتواصل إجراء دراسات وبائية بيئية محلية مع شركاء في البحث وطنيين ودوليين يتعاونون من أجل تحديد مستودعات الفيروس ومضيفاته العرضية.

الخصائص الوبائية

جدري القردة مرضٌ مُعدٍ يسببه فيروس جدري القردة. ويوجد نوعان من الفروع الحيوية المعروفة الأحادية السلف من فيروس جدري القردة وهما: الفرع الحيوي الأول المعروف سابقاً باسم الفرع الحيوي لنهر الكونغو؛ والفرع الحيوي الثاني الذي كان يُسمى في السابق الفرع الحيوي لغرب أفريقيا؛ وينقسم كذلك الفرع الحيوي الثاني إلى فرعين حيويين فرعيين آخرين هما: الفرع الحيوي الفرعي الثاني أ والفرع الحيوي الفرعي الثاني ب. ويسبب المرض أحد الفرعين الحيويين من جدري القردة الذي ينتقل بين البشر بواسطة الاتصال الوثيق بالآفات أو سوائل الجسم أو رذاذ الجهاز التنفسي أو المواد الملوثة، أو من الحيوانات إلى البشر بواسطة الاتصال بالحيوانات الحية أو استهلاك لحوم الأدغال الملوثة. 

وتتراوح فترة حضانة المرض بين يومين اثنين و21 يوماً، رغم أن بعض الناس قد يُصابون بعدواه من دون أن تظهر أعراضه عليهم. وعادة ما تتمثل أولى أعراض جدري القردة في الإصابة بحمى وآلام في العضلات والتهاب الحلق، يلي ذلك طفح جلدي ومخاطي. وعادة ما يتطور الطفح الجلدي على مدى فترة تتراوح بين أسبوعين و4 أسابيع على مراحل – ليتحول إلى بقع وحطاطات وحويصلات وبثرات. وتنسحب الآفات إلى المركز قبل أن تتقشر، ومن ثم تسقط الجُلبة. ويشكل اعتلال العقد اللمفاوية (تورم الغدد اللمفاوية) سمة نموذجية من سمات جدري القردة التي تظهر في معظم الحالات، علماً بأن الأطفال والحوامل والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة معرضون لخطر الإصابة بمضاعفات ناجمة عن جدري القردة وللوفاة من جرائه. 

وقد يصعب الكشف عن جدري القردة لأنه يمكن أن يشابه حالات عدوى واعتلالات أخرى. ومن الضروري تمييز جدري القردة عن الحماق والحصبة والتهابات الجلد البكتيرية والجرب والهربس والزهري وغيرها من عدوى الأمراض المنقولة جنسياً وحالات الحساسية الناجمة عن الأدوية. وقد يكون الشخص المُصاب بجدري القردة مُصاباً أيضاً بعدوى مرض آخر منقول جنسياً مثل الهربس. وعوضاً عن ذلك، قد يكون الطفل أو الشخص البالغ المُصاب بحالة يُشتبه فيها من جدري القردة مصاباً أيضاً بالحماق. ولهذه الأسباب فإن الاختبارات تمثل عنصراً أساسيا يمكّن الأشخاص من الحصول على العلاج في أقرب وقت ممكن ويحول دون استمرار المرض في الانتشار. 

ويشكل الكشف عن الحمض النووي الفيروسي بواسطة اختبار تفاعل البوليميراز التسلسلي الفحص المختبري المفضل لتحري الإصابة بجدري القردة. وتؤخذ أفضل العيّنات التشخيصية مباشرة من الطفح - الجلد أو السائل أو القشور- التي تجمع بعملية شديدة الإحكام تؤخذ فيها مسحات لتشخيص المرض. وفي حالة عدم وجود آفات جلدية، يمكن إجراء الاختبارات على مسحات تؤخذ من الفم والبلعوم أو الشرج أو المستقيم. ولكن مع أن أي نتيجة إيجابية لعينات الفم والبلعوم أو الشرج أو المستقيم تدل على الإصابة بجدري القردة، فإن الحصول على نتيجة سلبية منها لا يكفي لاستبعاد عدوى فيروس جدري القردة، كما لا يُنصح بإجراء اختبارات للدم. وقد يُستفاد من طرق الكشف عن الأجسام المضادة لتصنيف الحالات بأثر رجعي، ولكن ليس لتشخيصها، ويلزم أن يُقصر إجراؤها على المختبرات المرجعية وقد لا تكون نافعة لأنها غالباً ما لا تميّز بين فيروسات الجدري المختلفة. 

ويعتمد علاج المرض على العناية بالطفح الجلدي، وتدبير الآلام علاجياً، والحيلولة دون التعرض لمضاعفات. وإضافة إلى ذلك، يمكن أيضاً استعمال أدوية محددة مضادة للفيروسات مثل تيكوفيريمات في علاج جدري القردة، ولا سيما في الحالات الوخيمة من المرض أو الأفراد المعرضين لخطورة أكبر للإصابة بمضاعفات. ويتبين في سياق الفاشية العالمية لجدري القردة التي اندلعت في عام 2022 (والناجمة في الأغلب عن فيروس المرض من الفرع الحيوي الفرعي الثاني ب) أن أعراض المرض متباينة، لأنه يظهر على المصابين في بعض الحالات طفح جلدي قبل ظهور أعراض أخرى عليهم أو بالتزامن مع ظهورها، وغالباً ما تتموضع الآفات الأولية على الأعضاء التناسلية والأغشية المخاطية مثل الفم. وهذه أول مرة في تاريخ المرض يكون فيها انتشار فيروس جدري القردة مدفوعاً ومستداماً بممارسات الاتصال الجنسي فيما بين الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال من أعضاء شبكات جنسية كبيرة.

الاستجابة في مجال الصحة العامة

تنسيق حالات الطوارئ:

  • قامت وزارة الصحة العامة والنظافة الصحية والوقاية بإعداد خطة وطنية مدرجة في الميزانية بشأن التأهب لمواجهة جدري القردة والاستجابة له.
  • إضافة إلى هذه الخطة، افتُتِح مركز لعمليات الطوارئ معني بمكافحة جدري القردة وشُكّل فريق لإدارة الأحداث في شباط/فبراير 2023 لتنفيذ الإجراءات التالية: 

الرصد والكشف:

  • تعزيز ترصد جدري القردة في جميع أنحاء البلد وخاصة في كينشاسا وكينغي وكاميتوغا.
  • توزيع مجموعات جمع العينات ونقلها إلى المستشفيات المرجعية وتقديم الدعم اللوجستي اللازم لجمع العينات من الحالات المُشتبه فيها ونقلها وفحصها في كينغي وكينشاسا والمناطق المتضررة الأخرى.
  • بناء قدرات مقدمي خدمات الرعاية الصحية والمهنيين في مجال ترصد جدري القردة، بما يشمل الكشف عن انتقال عدوى المرض جنسياً وغير ذلك من الطرق المحتملة لانتقال عدواه.
  • رصد مخالطي الحالات السريرية وتلك المؤكدة مختبرياً لمدة 21 يوماً.
  • تحليل التسلسل الجيني لعينات فيروس جدري القردة لتحسين فهم السلالة (السلالات) الدائرة من الفيروس.

 التواصل والوعي العام:

  • شن حملة إعلامية عن مخاطر الإصابة بجدري القردة وعدوى الأمراض الأخرى المنقولة جنسياً، بحيث تُوجّه إلى الفئات التي يحتمل أن تكون معرضة للخطر، على أن تستهدف تحديداً أعضاء نوادي الجنس في كينغي وأماكن أخرى.
  • تحديد وإشراك الأندية وفئات السكان الأخرى التي يحتمل أن تكون معرضة للخطر.
  • إنشاء مركز اتصال لتسهيل الإبلاغ عن الإنذارات وتعزيز التواصل بين السلطات الصحية والمجتمعات المحلية المعنية. 

التدبير العلاجي للحالات والوقاية من العدوى ومكافحتها

  • تزويد المهنيين الصحيين في كينغي وكينشاسا وكاميتوغا ميندومبي وتشوبو بمعدات الحماية الشخصية.
  • عزل الحالات المؤكدة في المستشفى أو في المنزل لمنع المرض من مواصلة انتقاله.
  • تزويد المصابين بجدري القردة بالرعاية السريرية المطوّعة وفقاً لتلبية الاحتياجات، بما فيها الدعم النفسي. 

التدريب والقدرات:

  • تدريب العاملين في مختبرات كل من كاميتوغا وكينغي وكينشاسا وأية مدينة أو مقاطعة أخرى متضررة على جمع العينات من مرضى جدري القردة وحفظها وتسليمها كما ينبغي.
  • إذكاء وعي السلطات الصحية ومقدمي خدمات الرعاية الصحية في كل أنحاء البلد بشأن مرض جدري القردة وتدبيره علاجياً.

 

تقييم المنظمة للمخاطر

طرأت في الفترة الواقعة بين 1 كانون الثاني/يناير و12 تشرين الثاني/نوفمبر 2023 زيادة مضاعفة على عدد الحالات المُشتبه فيها للإصابة بجدري القردة، واقترنت بالإبلاغ عن 569 12 حالة مُشتبه فيها مقارنة بما أُبلغ عنه من حالات في عام 2020 بواقع 6216 حالة، وهو أعلى رقم سبق أن أُبلغ عنه في العام. كما أُبلغ عن حالات إصابة بجدري القردة في مناطق جغرافية جديدة مثل كينشاسا ومقاطعة كوانغو وكيفو الجنوبية. ولا تزال أسباب هذه الزيادة التي تؤثر على الرجال والنساء والأطفال مجهولة. ورغم أن زيادة الوعي بوباء جدري القردة العالمي الناجم عن فيروس جدري القردة من الفرع الحيوي الفرعي الثاني ب قد ساعدت على تحسين الترصد في البلد، فإنه ما زال يلزم توضيح العديد من الجوانب المتعلقة بالوضع الراهن. 

ويتيح انتقال جدري القردة بالاتصال الجنسي المجال أمام تسريع وتيرة انتقاله من شخص إلى آخر بسبب التلامس المباشر بين الأغشية المخاطية، مّما يُحتمل أن يؤدي إلى تقصير فترة حضانة المرض في المتوسط. والأفراد المنقوصو المناعة، سواء بسبب انعدام السيطرة على فيروس العوز المناعي البشري أم غيره من الحالات المسببة لنقص المناعة، هم أشد عرضة لخطر الإصابة بمضاعفات وخيمة ناجمة عن جدري القردة والوفاة بسببه. ومع أن التقديرات تشير إلى أن معدل انتشار فيروس العوز المناعي البشري على الصعيد الوطني بجمهورية الكونغو الديمقراطية هو بنسبة <1 ٪، فإن هناك تقديرات تشير إلى أن معدل انتشاره بين الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال هو بنسبة 7.1 ٪. وعموماً تشير التقديرات إلى أن هناك نسبة 17٪ من المصابين بهذا الفيروس في البلد لا يعرفون وضعهم من حيث الإصابة به ممّا يعرضهم لخطر الإصابة بعدوى الفيروس في مرحلة متقدمة، ونقص المناعة، والإصابة باعتلالات وخيمة من جدري القردة. 

أمّا الكشف عن فيروس جدري القردة من الفرع الحيوي الأول بين مرتادي ناد لرجال يمارسون الجنس مع رجال في كينغي، ممّن سافر بعض أعضائه لزيارة نواد أخرى داخل البلد وخارجه، وخصوصاً في وسط أفريقيا وأوروبا، فهو كشف يمثل خطراً على الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال في جمهورية الكونغو الديمقراطية وعلى الصعيد الدولي. وتشير التقديرات في مدينة كينشاسا إلى وجود أكثر من 50 نادياً مماثلاً وإلى أن بعض أعضاء النوادي يقيمون خارج جمهورية الكونغو الديمقراطية. 

وإن نسبة حالات الإصابة بجدري القردة في جمهورية الكونغو الديمقراطية ليست واضحة بعدُ، وربما كان المصابون بها قد تعرضوا للمرض عن طريق الاتصال الجنسي؛ ولكن بعد توثيق الفاشيات المرتبطة بانتقال المرض جنسياً في عام 2023 بثلاث مقاطعات لم تتأثر سابقاً بالمرض، فإن الأثر الإضافي المحتمل لهذه الملاحظة الجديدة على الصحة العامة قد يكون كبيراً، وخاصة في المناطق الحضرية المنقوصة الموارد. وممّا يثير القلق أيضاً تطور الفاشية الجديدة بسرعة في كيفو الجنوبية، بما يشمل انتشارها فيما بين المشتغلين بالجنس. 

وإضافة إلى ذلك، فإن الحالة الأولى المُحددة في كينشاسا كانت قد سافرت إلى المدينة على متن قارب في نهر الكونغو. وتشكل القوارب بيئة يُحتمل أن ترتفع فيها معدلات التعرض للمرض لأن الراكبين على متنها غالباً ما يجلسون على مقربة من بعضهم البعض وينقلون فيها الحيوانات ويبيعون فيها الطرائد البرية ويستهلكون لحومها، ويستغرق سفرهم على متنها في الأغلب مدة أسابيع وينامون أثناء سفرهم في الأسرّة نفسها وينخرطون أحياناً في ممارسة أنشطة جنسية مع بعضهم البعض. وعلاوة على ذلك، يزداد احتمال انتشار المرض من إنسان إلى آخر في مناطق حضرية مثل كينشاسا، وينطوي تنفيذ تدابير احتوائه على تحديات أكبر. 

ولا تزال قدرات الاستجابة لجدري القردة محدودة في البلد. وما زالت كذلك قدرات الترصد والقدرات المختبرية دون المستوى الأمثل: لم تُختبر بواسطة تفاعل البوليمراز التسلسلي سوى نسبة 9٪ في هذا العام من الحالات المُشتبه فيها (1106 حالات من أصل 569 12 حالة لغاية الأسبوع 44 من العام). ولا توجد برامج لتمنيع السكان المعرضين لخطر الإصابة بجدري القردة في جمهورية الكونغو الديمقراطية خارج نطاق مشاريع البحث، كما لا تزال إتاحة دواء تيكوفيريمات المضاد للفيروسات مقصورة على عدد قليل من دراسات البحث السريرية في البلد. 

لذا فإن الإبلاغ عن المخاطر والمشاركة المجتمعية يكتسيان أهمية حاسمة للتصدي للخطر الذي تشكله طرق انتقال عدوى المرض المُبلغ عنها تقليدياً مثل استهلاك لحوم الطرائد والفاشيات المندلعة في صفوف المجتمعات المحلية، فضلاً عن خطر انتقال العدوى عن طريق الاتصال الجنسي الموصوف حديثاً، ولا سيما بين الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال. ووفقاً لدراسة أجرتها المنظمة مؤخراً، فإن الوعي بالمخاطر المرتبطة بجدري القردة متدنٍ في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وإضافة إلى ذلك، فإن أي شخص مصاب بتشوهات جلدية، مثل التشوهات الناجمة عن جدري القردة، قد يتعرض للوصم، كما أن انعدام توجيه الرسائل الصحية حتى الآن إلى الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال في البلد يعرض هذه الفئة من السكان للخطر تحديداً. 

وباختصار، فإن أسباب القلق إزاء استمرار انتشار جدري القردة في جمهورية الكونغو الديمقراطية هي كالتالي: 

1- تشهد جمهورية الكونغو الديمقراطية زيادة كبيرة في عدد الحالات المُشتبه فيها المُبلغ عنها في عام 2023؛

2- يواصل جدري القردة توسيع رقعة انتشاره جغرافياً في المقاطعات الجنوبية والشرقية المتضررة به حديثاً في البلد؛

3- لا تزال المعارف الوبائية والعلمية عن جدري القردة محدودة، كما أن طرق انتقاله في البلد غير مفهومة جيداً؛

4- أُبلغ في عام 2023 لأول مرة عن حالات مؤكدة للإصابة بجدري القردة في المنطقة الحضرية الكبيرة من كينشاسا وفي عدة مناطق أخرى لم يسبق لها أن تأثرت بالمرض؛

5- يجري لأول مرة توثيق عدوى جدرى القردة المنقولة جنسياً بسبب فيروس جدري القردة من الفرع الحيوي الأول، وربما تكون فرصة توثيق سلاسل انتقال المرض قد فاتت؛

6- تشهد الفئات السكانية الرئيسية انتشاراً لعدوى فيروس العوز المناعي البشري بينها بمعدلات أعلى من معدلات انتشار عدواه بين عامة السكان؛

7- ثمة قصور في الوعي بجدري القردة والمخاطر المرتبطة به في صفوف الفئات السكانية العامة والرئيسية؛

8- تواجه قدرات الاستجابة الوطنية تحديات، بما فيها محدودية المعلومات الوبائية عن معدلات التعرض وعوامل خطر الإصابة بالعدوى، ومحدودية الوعي العام بجدري القردة وتدابير الوقاية منه، وتنافس العديد من الأولويات؛

9- يلزم أن تتعاون الجهات الشريكة مع بعضها وتنسق العمل فيها بينها تحقيقاً لاستدامة البحوث الأساسية وتقديم الدعم اللازم لتوجيه استجابة قوية على الصعيد الوطني والصعيدين الإقليمي والمحلي كذلك. 

وإن خطر استمرار جدري القردة في الانتشار إلى البلدان المجاورة وفي أنحاء العالم بأسره هو خطر كبير على ما يبدو. وإضافة إلى الخصائص المبينة بإيجاز أعلاه، تشمل الحجج المؤيدة لتقييم المخاطر الكبيرة لانتشار جدري القردة على الصعيد الدولي ما يلي: 

  • إن أولى هذه الفاشيات المُبلغ عنها من جدري القردة بسبب فيروس جدري القردة من الفرع الحيوي الأول والمرتبطة بممارسات الاتصال الجنسي سببها رحلات سفر دولي تمت سابقاً داخل أقاليم المنظمة وفيما بينها.
  • يمكن أن يؤدي دخول فيروس جدري القردة من الفرع الحيوي الأول في شبكات جنسية مختلفة يُحتمل أن تربطها علاقات متداخلة ببعضها البعض إلى تسهيل انتشار هذا الفرع الحيوي من الفيروس الأكثر ضراوة على مر التاريخ ويعظم انتشاره.
  • ثمة فاشية أخرى من جدري القردة مندلعة بالتزامن في جمهورية الكونغو المجاورة على طول النظام الإيكولوجي لنهر الكونغو، والتي ما زالت الصلات التي تربطها، إن وجدت، بحالات ظهرت في جمهورية الكونغو الديمقراطية مجهولة. 

وتشكل هذه العوامل خطراً إضافياً لنشوب فاشيات أخرى من جدري القردة يُحتمل أن تترتب عليها عواقب أكثر وخامة من عواقب الفاشية التي ما زالت تؤثر على العالم منذ عام 2022. 

نصائح المنظمة

ينبغي أن تحيط جميع البلدان، بما فيها سلطاتها الصحية وأطباؤها السريريون/عاملوها في مجال الرعاية الصحية، علماً بأن فاشية جدري القردة العالمية ما زالت مستمرة؛ وعلاوة على ذلك، تأكد انتقال الفيروس من الفرع الحيوي الأول عن طريق الجنس. وقد تؤدي الإصابة بفيروس جدري القردة من هذا الفرع إلى زيادة خطورة الإصابة باعتلالات وخيمة. 

لذا يُنصح بشدة أن تواصل البلدان اتباع التوصيات الدائمة بشأن جدري القردة الصادرة عن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية وفقاً للوائح الصحية الدولية (2005) في آب/أغسطس 2023، وخصوصاً فيما يتعلق بالترصد الوبائي لجدري القردة، وتعزيز قدرات التشخيص في المختبرات وتحليل التسلسل الجينومي للفيروسات، وإشراك المجتمع المحلي والإبلاغ عن المخاطر، وإتاحة اللقاحات، والتدبير العلاجي الأمثل للحالات، وتعزيز البحوث تحسيناً لفهم طرق انتقال العدوى في مختلف السياقات، وتقديم الدعم المستمر لاستحداث وسائل تشخيص سريع وعلاجات مصمّمة خصّيصاً لتلبية احتياجات المرضى. 

ومن الضروري في جميع السياقات التشديد على أهمية إجراء تحريات عن الحالات بطريقة مراعية وخالية من الوصم وتكوين فهم متعمق لانتقال الفيروس بين البشر في المجتمعات المحلية، والعمل في الوقت نفسه على تعزيز نهج الصحة الواحدة في المناطق التي يدور فيها فيروس جدري القردة في مضيفات أو مستودعات الثدييات المحتملة. 

ومن الضروري كذلك ترسيخ أسس المعارف في مختلف السياقات بشأن الصلات القائمة بين جدري القردة وعدوى فيروس العوز المناعي البشري، وعوامل الخطر المشتركة والمتعلقة بكل واحد منهما، وتزويد السكان بخدمات صحية خاصة، ودمج جانبي الترصد والتدبير العلاجي للحالات في إطار خدمة صحية معززة ومرنة تلبي احتياجات المرضى. 

الإجراءات المتخذة في صفوف المجتمع المحلي

يجب تعزيز التواصل بشأن مخاطر انتقال عدوى جدري القردة جنسياً، ولاسيما فيما بين الأشخاص الأشد عرضة لخطر المرض والأفراد والأسر المتضررة به. كما يجب الاضطلاع بأنشطة الدعوة على كل المستويات دعماً لقادة المجتمع المحلي وإعلامهم وإشراكهم في تنفيذ التدابير اللازمة لإعلام مجتمعاتهم المحلية وإشراكها في مكافحة جدري القردة وسبل وقف انتشاره. 

ولن يُستغنى عن أنشطة الإبلاغ عن المخاطر والمشاركة المجتمعية في تحفيز المجتمعات المحلية المتضررة على إدراك المخاطر واتباع السلوكيات الوقائية ذات الصلة على الصعيد المحلي. وينبغي جمع البيانات الاجتماعية والسلوكية، كما ينبغي إجراء تحليل للحالة تحسيناً لفهم انتقال العدوى وعوامل الخطر. ومن ثم يمكن الاستفادة من تلك المعلومات لتحسين عملية صنع القرار، وضمان مواءمة جهود الاستجابة مع احتياجات المجتمع المحلي وأولوياته وقدراته، والاسترشاد بها في وضع خطط بشأن الإبلاغ عن المخاطر والمشاركة المجتمعية المسندة بالبينات. وينبغي تحديد الجماهير الرئيسية، بما في ذلك المهنيون الصحيون، والرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال، والأشخاص الذين يعملون أو يحضرون في الأماكن والأحداث التي يُمارس فيها النشاط الجنسي، والمشتغلون بالجنس، والأشخاص المعرضون لخطر الإصابة باعتلالات أشد وخامة (بمن فيهم الأشخاص غير المُعالجين من فيروس العوز المناعي البشري أو المُقصّر في السيطرة على إصابتهم بالفيروس). 

وينبغي إقامة شراكات مع شبكات موثوقة تعمل مع هذه المجتمعات المحلية لتيسير المشاركة المجتمعية. كما ينبغي إقامة نظم ثنائية الاتجاه لإبداء التعليقات أو تنشيط تلك النظم. وينبغي كذلك إيلاء اهتمام خاص للتدابير الرامية إلى فهم الوصم والتمييز ومنعهما ومكافحتهما - لأنهما أمران غير مقبولين أبداً ويمكن أن يقوّضا الاستجابة للوباء ويؤثران على الحصائل الصحية تأثيراً خطيراً. 

فيما يتعلق بالمرافق الصحية ونقاط الدخول والمراقبة 

تعد تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها في الأماكن المجتمعية والمراكز الصحية ضرورية للوقاية من فاشيات جدري القردة والاستجابة لها. ومن الضروري تدريب الموظفين على التعامل مع المخاطر المرتبطة بالتلوث، وتوفير معدات الحماية وغسل اليدين وأجهزة النظافة الصحية في المستشفيات وفي نقاط الدخول/المراقبة؛ وضمان إيجاد أماكن مناسبة لعزل المرضى. ولا بد لمهنيي الرعاية الصحية القائمين على رعاية مرضى مصابين بحالات مُشتبه فيها أو مؤكدة من عدوى جدري القردة من أن يطبقوا التحوطات النموذجية" والتحوطات المتعلقة بمكافحة العدوى المنقولة "بالمخالطة" و"الرذاذ". 

كما ينبغي أن يحرص عاملو الرعاية الصحية، لدى حمايتهم لأنفسهم باتباع التدابير المُوصى بها، على ضمان تجنب وصم المرضى المُصابين بجدري القردة وتزويد المرضى وأسرهم بالدعم النفسي. 

ولا تنصح المنظمة بفرض أية قيود على حركة السفر أو التجارة فيما يخص هذه الفاشية. 

عند جمع العينات السريرية والمختبرية 

ينبغي أن يقوم موظفون مدربون يعملون في مختبرات مجهزة بالمعدات اللازمة بمناولة العينات المأخوذة من أشخاص يُشتبه في إصابتهم بعدوى فيروس جدري القردة. ويتوقف تأكيد الإصابة بفيروس جدري القردة على نوع العينات وجودتها ونوع الفحص المختبري، وبالتالي يجب تعبئة العينات وشحنها وفقاً للمتطلبات الوطنية والدولية. وتفاعل البوليميراز التسلسلي بالانتساخ العكسي هو الفحص المختبري المفضل لأنه دقيق وحساس. ولهذا ينبغي أخذ عينات التشخيص المثلى لتأكيد الإصابة بفيروس جدري القردة من آفات الجلد أو الأغشية المخاطية - والسوائل الموجودة داخل الحويصلات والبثرات، والجلبة الجافة. وعموماً فإن اختبارات الدم  بواسطة تفاعل البوليمراز التسلسلي غير حاسمة بسبب قصر مدة وجود الفيروسات في الدم مقارنة بوقت جمع العينات بعد ظهور الأعراض؛ وينبغي ألا تُجمع منهجياً من المرضى. ونظراً لأن فيروسات الجدري هي فيروسات متصالبة التفاعل مصلياً، فإن طرق الكشف عن المستضدات والأجسام المضادة ليست محددة بما فيه الكفاية لكشف فيروس جدري القردة ولا تعتبر تشخيصاً رسمياً لتأكيد الإصابة به. لذا فإن من الضروري أن تدعم المختبرات السلطات الصحية في توفير مجموعات لجمع العينات من الآفات الجلدية أو الأغشية المخاطية. 

التدابير الوقائية  

ينبغي أن يحرص أي فرد تُشخص إصابته سريرياً بجدري القردة أو تُؤكد إصابته به مختبرياً على اتباع تعليمات السلطات الصحية وفقاً للسياق المحلي السائد، بما يشمل العزل خلال فترة العدوى كلما أمكن ذلك. كما ينبغي رصد مخالطي أي حالة مؤكدة أو رصد حالتهم ذاتياً بحثاً عن أية علامات أو أعراض، واتباع ممارسات نظافة اليدين والقواعد المرعية بشأن التنفس الصحي، وتجنب مخالطة الأفراد المنقوصي المناعة، أو الأطفال، أو الحوامل، وتجنب الاتصال الجنسي والسفر دون داعٍ لمدة 21 يوماً منذ حدوث آخر اتصال مع شخص مصاب بجدري القردة. 

اللقاحات والعلاجات المضادة للفيروسات 

تتكون لقاحات الوقاية من جدري القردة من فيروس اللقاح وقد استُحدثت لأول مرة بوصفها لقاحات آمن لغرض التأهب لمواجهة الجدري: تتوفر لقاحات الجيل الثالث التي تسبب آثاراً جانبية أقل من اللقاحات المستعملة أثناء استئصال الجدري. وتشمل هذه اللقاحات كلاً من لقاح  فيروس لقاح أنقرة فاكسينيا - بافاريان نورديك المعدل (MVA-BN)، الذي جرت الموافقة عليه لأول مرة لأجل الوقاية من جدري القردة في عام 2019 ولقاح LC16-KMB المعتمد بشأن جدري القردة في عام 2022. ويوفر هذان اللقاحان حماية تتراوح نسبتها بين 66 و90٪ ضد جدري القردة بسبب تشابه مستضدات الفيروسات المسببة للجدري وجدري القردة. ويحتفظ عدد قليل من البلدان بمخزونات اللقاحات المضادة للجدري وجدري القردة، وخاصة منذ بداية اندلاع فاشية المرض العالمية في عام 2022. ويُوصى بإعطاء التطعيم المُضاد لجدري القردة للأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بالمرض، بمن فيهم الأطفال والمخالطون المقربون لشخص مُصاب بجدري القردة.

ويتواصل أيضاً استحداث أدوية مضادة للفيروسات كما تُجرى في جمهورية الكونغو الديمقراطية تجربة سريرية على العامل الدوائي تيكوفيريمات المضاد للفيروسات في مستشفيين محليين بمقاطعتي مانييما وسانكورو. وللحصول على دواء تيكوفيريمات في البلد، يمكن تقديم طلب إلى السلطات الصحية الوطنية.

معلومات إضافية

إرشادات تقنية مؤقتة صادرة عن منظمة الصحة العالمية: 

الترصد والبيانات الأخرى 

الإبلاغ عن المخاطر والمشاركة المجتمعية ومشورة الصحة العامة 

 التخطيط الاستراتيجي والدعم العالمي

مرجع مقتبس: منظمة الصحة العالمية (23 تشرين الثاني/نوفمبر 2023). أخبار فاشيات الأمراض؛ جدري القردة في جمهورية الكونغو الديمقراطية متاح على الرابط التالي (بالإنكليزية فقط): https://covid.comesa.int/ar/emergencies/disease-outbreak-news/item/2023-DON493